( 5743 ) مسألة ; قال : (
والزوجان إذا وقعت بينهما العداوة ، وخشي عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها ، مأمونين ، برضى الزوجين ، وتوكيلهما ، بأن يجمعا إذا رأيا أو يفرقا ، فما فعلا من ذلك لزمهما )
وجملة ذلك أن
الزوجين إذا وقع بينهما شقاق ، نظر الحاكم ، فإن بان له أنه من المرأة ، فهو نشوز ، قد مضى حكمه ، وإن بان أنه من الرجل ، أسكنهما إلى جانب ثقة ، يمنعه من الإضرار بها ، والتعدي عليها . وكذلك إن بان من كل واحد منهما تعد ، أو ادعى كل واحد منهما أن الآخر ظلمه ، أسكنهما إلى جانب من يشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف ، فإن لم يتهيأ ذلك ، وتمادى الشر بينهما ، وخيف الشقاق عليهما والعصيان ، بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها ، فنظرا بينهما ، وفعلا ما يريان المصلحة فيه ، من جمع أو تفريق ; لقول الله تعالى : {
وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } .
واختلفت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله ، في الحكمين ، ففي إحدى الروايتين عنه ، أنهما وكيلان لهما ، لا يملكان
[ ص: 244 ] التفريق إلا بإذنهما . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وأحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وحكي ذلك عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة لأن البضع حقه ، والمال حقها ، وهما رشيدان ، فلا يجوز لغيرهما التصرف فيه إلا بوكالة منهما ، أو ولاية عليهما . والثانية ، أنهما حاكمان ، ولهما أن يفعلا ما يريان من جمع وتفريق ، بعوض وغير عوض ، ولا يحتاجان إلى توكيل الزوجين ولا رضاهما .
وروي نحو ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبي سلمة بن عبد الرحمن ،
والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك والأوزاعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر لقول الله تعالى {
فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } . فسماهما حكمين ، ولم يعتبر رضى الزوجين ، ثم قال : {
إن يريدا إصلاحا } فخاطب الحكمين بذلك .
وروى
أبو بكر ، بإسناده عن
عبيدة السلماني ، أن رجلا وامرأة أتيا
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مع كل واحد منهما فئام من الناس ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ابعثوا حكما من أهله ، وحكما من أهلها ، فبعثوا حكمين ، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي للحكمين : هل تدريان ما عليكما من الحق ؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما . فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله علي ولي . فقال الرجل : أما الفرقة فلا . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كذبت حتى ترضى بما رضيت به .
وهذا يدل على أنه أجبره على ذلك ، ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=222عقيلا تزوج
فاطمة بنت عتبة ، فتخاصما ، فجمعت ثيابها ، ومضت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان فبعث حكما من أهله
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، وحكما من أهلها
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لأفرقن بينهما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : ما كنت لأفرق بين شيخين من
بني عبد مناف . فلما بلغا الباب كانا قد غلقا الباب واصطلحا . ولا يمتنع أن تثبت الولاية على الرشيد عند امتناعه من أداء الحق ، كما يقضي الدين عنه من ماله إذا امتنع ، ويطلق الحاكم على المولي إذا امتنع .
إذا ثبت هذا ، فإن الحكمين لا يكونان إلا عاقلين بالغين عدلين مسلمين ; لأن هذه من شروط العدالة سواء قلنا : هما حاكمان أو وكيلان ; لأن الوكيل إذا كان متعلقا بنظر الحاكم ، لم يجز أن يكون إلا عدلا ، كما لو نصب وكيلا لصبي أو مفلس ، يكونان ذكرين ; لأنه مفتقر إلى الرأي والنظر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يشترط كونهما حرين . وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأن العبد عنده لا تقبل شهادته ، فتكون الحرية من شروط العدالة . والأولى أن يقال : إن كانا وكيلين ، لم تعتبر الحرية ; لأن توكيل العبد جائز ، وإن كانا حكمين ، اعتبرت الحرية ; لأن الحاكم لا يجوز أن يكون عبدا .
ويعتبر أن يكونا عالمين بالجمع والتفريق ; لأنهما يتصرفان في ذلك ، فيعتبر علمهما به . والأولى أن يكونا من أهلهما ; لأمر الله تعالى بذلك ، ولأنهما أشفق وأعلم بالحال ، فإن كانا من غير أهلهما جاز ; لأن القرابة ليست شرطا في الحكم ولا الوكالة ، فكان الأمر بذلك إرشادا واستحبابا ، فإن قلنا : هما وكيلان فلا يفعلان شيئا حتى يأذن الرجل لوكيله فيما يراه من طلاق أوصلح ، وتأذن المرأة لوكيلها في الخلع والصلح على ما يراه ، فإن امتنعا من التوكيل ، لم يجبرا . وإن قلنا : إنهما حكمان . فإنهما يمضيان ما يريانه من طلاق وخلع ، فينفذ ذلك عليهما ، رضياه أو أبياه .