( 5861 ) فصل :
والكناية ثلاثة أقسام ; ظاهرة ، وهي ستة ألفاظ ; خلية ، وبرية ، وبائن ، وبتة ، وبتلة ، وأمرك بيدك . الحكم فيها ما بيناه في هذا الفصل . وإن قال : أنت طالق بائن ، أو ألبتة . فكذلك إلا أنه لا يحتاج إلى نية ; لأنه وصف بها الطلاق الصريح . وإن
قال : أنت طالق لا رجعة لي عليك . وهي مدخول بها ، فهي ثلاث . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إذا قال لامرأته : أنت طالق لا رجعة فيها ، ولا مثنوية . هذه مثل الخلية والبرية ثلاثا ، هكذا هو عندي . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وإن قال : ولا رجعة لي فيها . بالواو ، فكذلك . وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : تكون رجعية ; لأنه لم يصف الطلقة بذلك ، وإنما عطف عليها .
ولنا ، أن الصفة تصح مع العطف ، كما لو قال : بعتك بعشرة وهي مغربية صح ، وكان صفة للثمن . قال الله تعالى : {
إلا استمعوه وهم يلعبون } . وإن قال : أنت طالق واحدة بائنا أو واحدة بتة . ففيها ثلاث روايات ; إحداهن ، أنها واحدة رجعية ، ويلغو ما بعدها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا أعرف شيئا متقدما ، إن نوى واحدة تكون بائنا وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنه وصف الطلقة بما لا تتصف به ، فلغت الصفة ، كما لو قال : أنت طالق لا تقع عليك . والثانية : هي ثلاث . قاله
أبو بكر ، وقال : هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ; لأنه أتى بما يقتضي الثلاث ، فوقع ، ولغا قوله : واحدة . كما لو قال : أنت طالق واحدة ثلاثا . والثالثة ، رواها
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، إذا طلق امرأته واحدة ألبتة ، فإن أمرها بيدها ، يزيدها في مهرها إن أراد رجعتها .
فهذا يدل على أنه أوقع بها واحدة بائنا ; لأنه جعل أمرها بيدها ، ولو كانت رجعية لما كان أمرها بيدها ، ولا احتاجت إلى زيادة في مهرها ، ولو وقع ثلاث لما حلت له رجعتها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب : هذه الرواية تخرج في
[ ص: 301 ] جميع الكنايات الظاهرة ، فيكون ذلك مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي . ووجهه أنه أوقع الطلاق بصفة البينونة ، فوقع على ما أوقعه ، ولم يزد على واحدة ; لأن لفظه لم يقتض عددا ، فلم يقع أكثر من واحدة ، كما لو قال : أنت طالق . وحمل
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل على أن ذلك بعد انقضاء العدة . القسم الثاني ، مختلف فيها ، وهي ضربان ; منصوص عليها ، وهي عشرة ; الحقي بأهلك . وحبلك على غاربك . ولا سبيل لي عليك . وأنت علي حرج . وأنت علي حرام . واذهبي فتزوجي من شئت . وغطي شعرك . وأنت حرة . وقد أعتقتك . فهذه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيها روايتان ; : إحداهما ، أنها ثلاث . والثانية ، ترجع إلى ما نواه ، وإن لم ينو شيئا ، فواحدة ، كسائر الكنايات .
والضرب الثاني ، مقيس على هذه ، وهي استبرئي رحمك . وحللت للأزواج . وتقنعي . ولا سلطان لي عليك . فهذه في معنى المنصوص عليها ، فيكون حكمها حكمها . والصحيح في قوله : الحقي بأهلك . أنها واحدة ، ولا تكون ثلاثا إلا بنية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لابنة الجون : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=54844الحقي بأهلك } . متفق عليه ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليطلق ثلاثا وقد نهى أمته عن ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لابنة الجون : " الحقي بأهلك " . ولم يكن طلاقا غير هذا ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليطلق ثلاثا ، فيكون غير طلاق السنة . فقال : لا أدري . وكذلك قوله : اعتدي واستبرئي رحمك . لا يختص الثلاث ; فإن ذلك يكون من الواحدة ، كما يكون من الثلاث .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19456أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=93لسودة ابنة زمعة : اعتدي } ، فجعلها تطليقة . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، أن
نعيم بن دجاجة الأسدي طلق امرأته تطليقتين ، ثم قال : هي علي حرج . وكتب في ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فقال : أما إنها ليست بأهونهن . وأما سائر اللفظات ، فإن قلنا : هي ظاهرة ; فلأن معناها معنى الظاهرة ، فإن قوله : لا سبيل لي عليك ، ولا سلطان لي عليك . إنما يكون في المبتوتة ، أما الرجعية فله عليها سبيل وسلطان . وقوله : أنت حرة ، أو أعتقتك . يقتضي ذهاب الرق عنها ، وخلوصها منه ، والرق هاهنا النكاح . وقوله : أنت حرام يقتضي بينونتها منه ; لأن الرجعية غير محرمة . وكذلك : حللت للأزواج ، لأنك بنت مني . وكذلك سائرها . وإن قلنا : هي واحدة . فلأنها محتملة ، فإن قوله : حللت للأزواج . أي بعد انقضاء عدتك ، إذ لا يمكن حلها قبل ذلك ، والواحدة تحلها . وكذلك : انكحي من شئت .
وسائر الألفاظ ، يتحقق معناها بعد قضاء عدتها . القسم الثالث ، الخفية نحو : اخرجي . واذهبي . وذوقي . وتجرعي . وأنت مخلاة . واختاري . ووهبتك لأهلك . وسائر ما يدل على الفرقة ، ويؤدي معنى الطلاق سوى ما تقدم ذكره ، فهذه ثلاث إن نوى ثلاثا ، واثنتان إن نواهما ، وواحدة إن نواها أو أطلق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما ظهر من الطلاق فهو على ما ظهر ، وما عنى به الطلاق فهو على ما عنى ، مثل : حبلك على غاربك . إذا نوى واحدة ، أو اثنتين ، أو ثلاثا ، فهو على ما نوى ،
[ ص: 302 ] ومثل : لا سبيل لي عليك . وإذا نص في هاتين على أنه يرجع إلى نيته ، فكذلك سائر الكنايات . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يقع اثنتان ، وإن نواهما وقع واحدة . وقد تقدم ذكر ذلك .
وإن قال : أنت واحدة . فهي كناية خفية ، لكنها لا تقع بها إلا واحدة . وإن نوى ثلاثا ; لأنها لا تحتمل غير الواحدة . وإن قال : أغناك الله . فهي كناية خفية ; لأنه يحتمل : أغناك الله بالطلاق . لقول الله تعالى : {
وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } .