صفحة جزء
( 6332 ) فصل : وإذا مات زوج الرجعية ، استأنفت عدة الوفاة ، أربعة أشهر وعشرا ، بلا خلاف . وقال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك . وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه ، وينالها ميراثه ، فاعتدت للوفاة ، كغير المطلقة . وإن مات مطلق البائن في عدتها ، بنت على عدة الطلاق ، إلا أن يطلقها في مرض موته ، فإنها تعتد أطول الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثة قروء . نص على هذا أحمد وبه قال الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن ، وقال مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر تبني على عدة الطلاق ; لأنه مات وليست زوجة له ، لأنها بائن من النكاح ، فلا تكون منكوحة .

ولنا أنها وارثة له ، فيجب عليها عدة الوفاة ، كالرجعية ، وتلزمها عدة الطلاق ; لما ذكروه في دليلهم ، وإن مات المريض المطلق بعد انقضاء عدتها بالحيض ، أو بالشهور ، أو بوضع الحمل ، أو كان طلاقه قبل الدخول ، فليس عليها عدة لموته ، وقال القاضي : عليهن عدة الوفاة إذا قلنا : يرثنه . لأنهن يرثنه بالزوجية ، فتجب عليهن عدة الوفاة ، كما لو مات بعد الدخول وقبل قضاء العدة . ورواه أبو طالب عن أحمد ، في التي انقضت عدتها . وذكر ابن أبي موسى فيها روايتين .

والصحيح أنها لا عدة عليها ; لأن الله تعالى قال : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } . وقال { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . وقال : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فلا يجوز تخصيص هذه النصوص [ ص: 95 ] بالتحكم ، ولأنها أجنبية تحل للأزواج ، ويحل للمطلق نكاح أختها وأربع سواها ، فلم تجب عليها عدة لموته ، كما لو تزوجت ، وتخالف التي مات في عدتها ، فإنها لا تحل لغيره في هذه الحال ، ولم تنقض عدتها ، ولا نسلم أنها ترثه ، فإنها لو ورثته لأفضى إلى أن يرث الرجل ثماني زوجات .

فأما إن تزوجت إحدى هؤلاء ، فلا عدة عليها ، بغير خلاف نعلمه ، ولا ترثه أيضا . وإن كانت المطلقة البائن لا ترث ، كالأمة أو الحرة يطلقها العبد ، أو الذمية يطلقها المسلم ، والمختلعة أو فاعلة ما يفسخ نكاحها ، لم تلزمها عدة ، سواء مات زوجها في عدتها أو بعدها ، على قياس قول أصحابنا ، فهم عللوا نقلها إلى عدة الوفاة بإرثها وهذه ليست وارثة ، فأشبهت المطلقة في الصحة ، وأما المطلقة في الصحة إذا كانت بائنا ، فمات زوجها ، فإنها تبني على عدة الطلاق ، ولا تعتد للوفاة . وهذا قول مالك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر وقال الثوري وأبو حنيفة عليها أطول الأجلين ، كما لو طلقها في مرض موته . ولنا قوله سبحانه { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ولأنها أجنبية منه في نكاحه ، وميراثه ، والحل له ووقوع طلاقه ، وظهاره ، وتحل له أختها وأربع سواها ، فلم تعتد لوفاته كما لو انقضت عدتها .

وذكر القاضي ، في المطلقة في المرض ، أنها إذا كانت حاملا ، تعتد أطول الأجلين . وليس هذا بشيء ; لأن وضع الحمل تنقضي به كل عدة ، ولا يجوز أن يجب عليها الاعتداد بغير الحمل ، على ما سنذكره في المسألة التي تلي هذه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية