( 7028 ) مسألة : قال :
والنساء والصبيان لا يقسمون يعني إذا كان المستحق نساء وصبيانا لم يقسموا ; أما الصبيان فلا خلاف بين أهل العلم أنهم لا يقسمون ، سواء كانوا من الأولياء ، أو مدعى عليهم ; لأن الأيمان حجة للحالف ، والصبي لا يثبت بقوله حجة ، ولو أقر على نفسه ، لم يقبل ، فلأن لا يقبل قوله في حق غيره أولى . وأما النساء فإذا كن من أهل القتيل ، لم يستحلفن . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
والأوزاعي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لهن مدخل في قسامة الخطإ دون العمد . قال
ابن القاسم : ولا يقسم في العمد إلا اثنان فصاعدا ، كما أنه لا يقتل إلا بشاهدين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يقسم كل وارث بالغ ; لأنها يمين في دعوى ، فتشرع في حق النساء ، كسائر الأيمان . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44151يقسم خمسون رجلا منكم ، وتستحقون دم صاحبكم } . ولأنها حجة يثبت بها قتل العمد ، فلا تسمع من النساء ، كالشهادة ، ولأن الجناية المدعاة التي تجب القسامة عليها هي القتل ، ولا مدخل للنساء في إثباته ، وإنما يثبت المال ضمنا ، فجرى ذلك مجرى
رجل ادعى زوجية امرأة بعد موتها ليرثها ، فإن ذلك لا يثبت بشاهد ويمين ، ولا بشهادة رجل وامرأتين ، وإن كان مقصودها المال . فأما إن كانت المرأة مدعى عليها القتل ، فإن قلنا إنه يقسم من العصبة رجال . لم تقسم المرأة أيضا ; لأن ذلك مختص بالرجال .
وإن قلنا : يقسم المدعى عليه . فينبغي أن تستحلف ; لأنها لا تثبت بقولها حقا ولا قتلا ، وإنما هي لتبرئتها منه ، فتشرع في حقها اليمين ، كما لو لم يكن لوث . فعلى هذا ، إذا كان في الأولياء نساء ورجال ، أقسم الرجال ، وسقط حكم النساء ، وإن كان فيهم صبيان ورجال بالغون ، أو كان فيهم حاضرون وغائبون ، فقد ذكرنا من قبل أن
القسامة لا تثبت حتى يحضر الغائب ، فكذا لا تثبت حتى يبلغ الصبي ; لأن الحق لا يثبت إلا ببينته الكاملة ، والبينة أيمان الأولياء كلهم ، والأيمان لا تدخلها النيابة ; ولأن الحق إن كان قصاصا ، فلا يمكن تبعيضه ، فلا فائدة في قسامة الحاضر البالغ ، وإن كان غيره ، فلا تثبت إلا بواسطة ثبوت القتل ، وهو لا يتبعض
[ ص: 393 ] أيضا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : إن كان القتل عمدا ، لم يقسم الكبير حتى يبلغ الصغير ، ولا الحاضر حتى يقدم الغائب ; لأن حلف الكبير الحاضر لا يفيد شيئا في الحال ، وإن كان موجبا للمال ، كالخطإ وعمد الخطإ ، فللحاضر المكلف أن يحلف ، ويستحق قسطه من الدية . وهذا قول
أبي بكر ،
وابن حامد ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . واختلفوا في كم يقسم الحاضر ؟ فقال
ابن حامد : يقسم بقسطه من الأيمان ، فإن كان الأولى اثنين أقسم الحاضر خمسا وعشرين يمينا ، وإن كانوا ثلاثة أقسم سبع عشرة يمينا ، وإن كانوا أربعة أقسم ثلاث عشرة يمينا ، وكلما قدم غائب أقسم بقدر ما عليه ، واستوفى حقه ; لأنه لو كان الجميع حاضرين ، لم يلزمه أكثر من قسطه ، فكذلك إذا غاب بعضهم كما في سائر الحقوق ، ولأنه لا يستحق أكثر من قسطه من الدية ، فلا يلزمه أكثر من قسطه من الأيمان .
وقال
أبو بكر : يحلف الأول خمسين يمينا . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأن الحكم لا يثبت إلا بالبينة الكاملة ، والبينة هي الأيمان كلها ، ولذلك لو ادعى أحدهما دينا لأبيهما ، لم يستحق نصيبه منه إلا بالبينة المثبتة لجميعه ; ولأن الخمسين في القسامة كاليمين الواحدة في سائر الحقوق . ولو
ادعى مالا له فيه شركة ، له به شاهد ، لحلف يمينا كاملة ، كذلك هذا . فإذا قدم الثاني : أقسم خمسا وعشرين يمينا ، وجها واحدا عند
أبي بكر ; لأنه يبني على أيمان أخيه المتقدمة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فيه قول آخر ، أنه يقسم خمسين يمينا أيضا ، لأن أخاه إنما استحق بخمسين ، فكذلك هو . فإذا قدم ثالث ، أو بلغ ، فعلى قول
أبي بكر ، يقسم سبع عشرة يمينا ; لأنه يبني على أيمان أخويه ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فيه قولان ، أحدهما ; أنه يقسم سبع عشرة يمينا . والثاني : خمسين يمينا وإن قدم رابع ، كان على هذا المثال . والله أعلم .