صفحة جزء
( 7054 ) فصل : والمشهور في المذهب : أنه لا كفارة في قتل العمد . وبه قال الثوري ، ومالك ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي . وعن أحمد ، رواية أخرى ، تجب فيه الكفارة . وحكي ذلك عن الزهري . وهو قول الشافعي ; لما روى واثلة بن الأسقع ، قال : { أتينا النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا ، قد أوجب بالقتل . فقال : اعتقوا عنه رقبة ، يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار } . ، ولأنها إذا وجبت في قتل الخطإ ، ففي العمد أولى ; لأنه أعظم إثما ، وأكبر جرما ، وحاجته إلى تكفير ذنبه أعظم .

ولنا ، مفهوم قوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } . ثم ذكر قتل العمد ، فلم يوجب فيه كفارة ، وجعل جزاءه جهنم ، فمفهومه أنه لا كفارة فيه . وروي { أن سويد بن الصامت قتل رجلا ، فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القود ، ولم يوجب كفارة } . { وعمرو بن أمية الضمري قتل رجلين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوجب كفارة } . ولأنه فعل يوجب القتل ، فلا يوجب كفارة ، كزنى المحصن ، وحديث واثلة ، يحتمل أنه كان خطأ ، وسماه موجبا ، أي فوت النفس بالقتل . ويحتمل أنه كان شبه عمد . ويحتمل أنه أمرهم بالإعتاق تبرعا ، ولذلك أمر غير القاتل بالإعتاق .

وما ذكروه من المعنى لا يصح ; لأنها وجبت في الخطإ ، فتمحو إثمه ; لكونه لا يخلو من تفريط ، فلا يلزم من ذلك إيجابها في موضع عظم الإثم فيه ، بحيث لا يرتفع بها . إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين العمد الموجب للقصاص ، وما لا قصاص فيه ، كقتل الوالد ولده والسيد عبده ، والحر العبد ، والمسلم الكافر ; لأن هذا من أنواع العمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية