( 7622 ) مسألة قال ( ولا يحل لمسلم أن يهرب من كافرين ، ومباح له أن يهرب من ثلاثة ، فإن خشي الأسر ، قاتل حتى يقتل ) وجملته أنه
إذا التقى المسلمون والكفار ، وجب الثبات ، وحرم الفرار بدليل قوله تعالى : {
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار } الآية وقال تعالى : {
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40152وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفرار يوم الزحف ، فعده من الكبائر } .
وحكي عن
الحسن والضحاك أن هذا كان يوم
بدر خاصة ولا يجب في غيرها ، والأمر مطلق وخبر النبي صلى الله عليه وسلم عام ، فلا يجوز التقييد والتخصيص إلا بدليل ، وإنما يجب الثبات بشرطين ، أحدهما ، أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين ، فإن زادوا عليه جاز الفرار لقول الله تعالى : {
الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } .
وهذا إن كان لفظه لفظ الخبر ، فهو أمر ، بدليل قوله : {
الآن خفف الله عنكم } ولو كان خبرا على حقيقته ، لم يكن ردنا من غلبة الواحد للعشرة إلى غلبة الاثنين تخفيفا ، ولأن خبر الله تعالى صدق لا يقع بخلاف مخبره وقد علم أن الظفر والغلبة لا يحصل للمسلمين في كل موطن يكون العدو فيه ضعف المسلمين فما دون ، فعلم أنه أمر وفرض ، ولم يأت شيء ينسخ هذه الآية ، لا في كتاب ولا سنة ، فوجب الحكم بها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نزلت : {
إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة ، ثم جاء تخفيف
[ ص: 255 ] فقال : {
الآن خفف الله عنكم إلى قوله :
يغلبوا مائتين } فلما خفف الله عنهم من العدد ، نقص من الصبر بقدر ما خفف من العدد رواه
أبو داود .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من فر من اثنين ، فقد فر ، ومن فر من ثلاثة فما فر الثاني ، أن
لا يقصد بفراره التحيز إلى فئة ، ولا التحرف لقتال ، فإن قصد أحد هذين ، فهو مباح له ، لأن الله تعالى قال : {
إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة } .
ومعنى التحرف للقتال ، أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن ، مثل أن ينحاز من مواجهة الشمس ، أو الريح إلى استدبارهما أو من نزلة إلى علو ، أو من معطشة إلى موضع ماء ، أو يفر بين أيديهم لتنتقض صفوفهم ، أو تنفرد خيلهم من رجالتهم ، أو ليجد فيهم فرصة ، أو ليستند إلى جبل ، ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه كان يوما في خطبته إذ قال : يا
سارية بن زنيم ، الجبل ، ظلم الذئب من استرعاه الغنم . فأنكرها الناس فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : دعوه . فلما نزل سألوه عما قال ، فلم يعترف به ، وكان قد بعث
سارية إلى ناحية
العراق لغزوهم فلما قدم ذلك الجيش أخبروا أنهم لقوا عدوهم يوم جمعة ، فظهر عليهم ، فسمعوا صوت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فتحيزوا إلى الجبل ، فنجوا من عدوهم فانتصروا عليهم وأما
التحيز إلى فئة ، فهو أن يصير إلى فئة من المسلمين ، ليكون معهم ، فيقوى بهم على عدوهم وسواء بعدت المسافة أو قربت .
قال القاضي : لو كانت الفئة
بخراسان . والفئة
بالحجاز ، جاز التحيز إليها ونحوه ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر روى ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=119121أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني فئة لكم وكانوا بمكان بعيد منه } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنا فئة كل مسلم . وكان
بالمدينة وجيوشه
بمصر والشام والعراق وخراسان رواهما
سعيد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رحم الله
أبا عبيدة لو كان تحيز إلي لكنت له فئة وإذا
خشي الأسر فالأولى له أن يقاتل حتى يقتل ، ولا يسلم نفسه للأسر ، لأنه يفوز بثواب الدرجة الرفيعة ، ويسلم من تحكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة .
وإن استأسر جاز لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3069أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عشرة عينا ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، فنفرت إليهم هذيل بقريب من مائة رجل رام ، فلما أحس بهم nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم وأصحابه ، لجئوا إلى فدد فقالوا لهم : انزلوا فأعطونا ما بأيديكم ، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا فقال nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم : . أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر فرموهم بالنبل ، فقتلوا nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصما في سبعة معه ، ونزل إليهم ثلاثة على العهد والميثاق ، منهم خبيب وزيد بن الدثنة ، فلما استمكنوا منهم ، أطلقوا أوتار قسيهم ، فربطوهم بها } متفق عليه
nindex.php?page=showalam&ids=16274فعاصم أخذ بالعزيمة ،
وخبيب وزيد أخذا بالرخصة ، وكلهم محمود غير مذموم ولا ملوم .