( 8358 ) مسألة ; قال : ( من لم يكن من الرجال والنساء عاقلا ، مسلما ، بالغا ، عدلا ، لم تجز شهادته ) وجملته أن
يعتبر في الشاهد سبعة شروط ; أحدها ، أن يكون عاقلا ، ولا تقبل
شهادة من ليس بعاقل ، إجماعا . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر . وسواء ذهب عقله بجنون أو سكر أو طفولية ; وذلك لأنه ليس بمحصل ، ولا تحصل الثقة بقوله ، ولأنه لا يأثم بكذبه ، ولا يتحرز منه . الثاني ، أن يكون مسلما ، ونذكر هذا فيما بعد إن شاء الله تعالى .
الثالث ، أن يكون بالغا ، فلا تقبل
شهادة صبي لم يبلغ بحال ، يروى هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وبه قال
[ ص: 167 ] القاسم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأصحابه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله ، رواية أخرى ، أن شهادتهم تقبل في الجراح ، إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحالة التي تجارحوا عليها ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ; لأن الظاهر صدقهم وضبطهم ، فإن تفرقوا لم تقبل شهادته ; لأنه يحتمل أن يلقنوا .
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير : إن أخذوا عند مصاب ذلك ، فبالأحرى أن يعقلوا ويحفظوا .
وعن
الزهري ، أن شهادتهم جائرة ، ويستحلف أولياء المشجوج . وذكره عن
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، رواية ثالثة ، أن شهادته تقبل إذا كان ابن عشر . قال
ابن حامد : فعلى هذه الرواية ، تقبل شهادتهم في غير الحدود والقصاص ، كالعبيد . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن شهادة بعضهم تقبل على بعض . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم : كانوا يجيزون شهادة بعضهم على بعض فيما كان بينهم . قال المغيرة : وكان أصحابنا لا يجيزون شهادتهم على رجل ، ولا على عبد . وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، قال : كنا عند علي ، فجاءه خمسة غلمة فقالوا : إنا كنا ستة غلمة نتغاط ، فغرق منا غلام . فشهد الثلاثة على الاثنين أنهما غرقاه ، وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه ، فجعل على الاثنين ثلاثة أخماس الدية ، وجعل على الثلاثة خمسيها . وقضى بنحو هذا
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق . والمذهب أن شهادتهم لا تقبل في شيء ; لقول الله تعالى : {
واستشهدوا شهيدين من رجالكم } . وقال : {
وأشهدوا ذوي عدل منكم } .
وقال : {
ممن ترضون من الشهداء } . والصبي ممن لا يرضى . وقال : {
ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه } . فأخبر أن الشاهد الكاتم لشهادته آثم ، والصبي لا يأثم ، فيدل على أنه ليس بشاهد ; ولأن الصبي لا يخاف من مأثم الكذب ، فيزعه عنه ، ويمنعه منه ، فلا تحصل الثقة بقوله ، ولأن من لا يقبل قوله على نفسه في الإقرار ، لا تقبل شهادته على غيره ، كالمجنون ، يحقق هذا أن الإقرار أوسع ; لأنه يقبل من الكافر والفاسق والمرأة ، ولا تصح الشهادة منهم ، ولأن من لا تقبل شهادته في المال ، لا تقبل في الجراح ، كالفاسق ، ومن لا تقبل شهادته على من ليس بمثله ، لا تقبل على مثله ، كالمجنون .
الشرط الرابع ، العدالة ; لقول الله تعالى {
وأشهدوا ذوي عدل منكم } . ولا تقبل
شهادة الفاسق لذلك ، ولقول الله تعالى : {
إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } . فأمر بالتوقف عن نبأ الفاسق ، والشهادة نبأ ، فيجب التوقف عنه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30051لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا محدود في الإسلام ، ولا ذي غمر على أخيه } . رواه
أبو عبيد . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد لا يراه خص الخائن والخائنة أمانات الناس ، بل جميع ما افترض الله تعالى على العباد القيام به أو اجتنابه ، من صغير ذلك وكبيره ، قال الله تعالى : {
إنا [ ص: 168 ] عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه قال : لا يؤسر رجل بغير العدول . ولأن دين الفاسق لم يزعه عن ارتكاب محظورات الدين ، فلا يؤمن أن لا يزعه عن الكذب ، فلا تحصل الثقة بخبره . إذا تقرر هذا ، فالفسوق نوعان ; أحدهما ، من حيث الأفعال ; فلا نعلم خلافا في رد شهادته . والثاني ، من جهة الاعتقاد ، وهو اعتقاد البدعة ، فيوجب رد الشهادة أيضا . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16101وشريك ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك : أربعة لا تجوز شهادتهم ; رافضي يزعم أن له إماما مفترضة طاعته . وخارجي يزعم أن الدنيا دار حرب . وقدري يزعم أن المشيئة إليه . ومرجئ . ورد شهادة يعقوب ، وقال : ألا أرد شهادة من يزعم أن الصلاة ليست من الإيمان ؟
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد ، من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المختلفون على ثلاثة أضرب ; ضرب اختلفوا في الفروع ، فهؤلاء لا يفسقون بذلك ، ولا ترد شهادتهم ، وقد اختلف الصحابة في الفروع ومن بعدهم من التابعين . الثاني ، من نفسقه ولا نكفره ، وهو من سب القرابة ،
كالخوارج ، أو سب الصحابة
، كالروافض ، فلا تقبل لهم شهادة لذلك . الثالث ، من نكفره ، وهو
من قال بخلق القرآن ، ونفي الرؤية ، وأضاف المشيئة إلى نفسه ، فلا تقبل له شهادة . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى مثل هذا سواء .
قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما تعجبني شهادة
الجهمية ،
والرافضة ،
والقدرية المعلنة . وظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه ، قبول
شهادة أهل الأهواء . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16069سوار شهادة ناس من بني العنبر ، ممن يرى الاعتزال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إلا أن يكونوا ممن يرى الشهادة بالكذب بعضهم لبعض ،
كالخطابية ، وهم أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبي الخطاب . يشهد بعضهم لبعض بتصديقه . ووجه قول من أجاز شهادتهم ، أنه اختلاف لم يخرجهم عن الإسلام ، أشبه الاختلاف في الفروع ، ولأن فسقهم لا يدل على كذبهم ; لكونهم ذهبوا إلى ذلك تدينا واعتقادا أنه الحق ، ولم يرتكبوه عالمين بتحريمه ، بخلاف فسق الأفعال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب : ويتخرج على قبول
شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ، أن الفسق الذي يتدين به من جهة الاعتقاد لا ترد الشهادة به . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد جواز
الرواية عن القدري ، إذا لم يكن داعية ، فكذلك الشهادة . ولنا ، أنه أحد نوعي الفسق ، فترد به الشهادة ، كالنوع الآخر ; ولأن المبتدع فاسق ، فترد شهادته ، للآية والمعنى . الشرط الخامس ،
أن يكون متيقظا حافظا لا يشهد به ، فإن كان مغفلا ، أو معروفا بكثرة الغلط ، لم تقبل شهادته
[ ص: 169 ]
الشرط السادس
، أن يكون ذا مروءة . الشرط السابع
، انتفاء الموانع . وسنشرح هذه الشروط في مواضعها ، إن شاء الله تعالى .