شعيرة الأذان ودرس في الإعلام الإسلامي
د: سيد رزق الطويل
إذا كان الإعلام في عصرنا الحاضر، يعد من أقوى محاور الصراع بين المجتمعات الإنسانية، فإن ذلك نتيجة لما له من تأثير بالغ في الغزو الفكري ، وتوريد المعتقدات ؛ سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم دينية. وصار -لذلك- علما له قواعده الراسخة، واتجاهاته الواضحة، ووسائله المتعددة التي ترفدها خبرات علماء النفس والاجتماع والسياسة.
والقضية التي أريد أن أعرضها في هـذا المقال هـي موقف الإسلام من قضية الإعلام من خلال شعيرة من شعائره الهامة، هـي شعيرة الأذان للصلاة.
وبادي ذي بدء أقول: إن ثمة حقيقة مقررة هـي أن الإعلام في الإسلام يختلف من حيث: بواعثه، وأهدافه، وطرائق توصيل المعلومات فيه عما ابتكره الغرب أو الشرق من وسائل وأسباب، فالإعلام الإسلامي يستمسك بالصدق ، ويتسم بالأمانة ، ويعتمد على الإقناع العقلي الذي يستمد وجوده من منطق الحق والعدل ، ويستهدف الوصول إلى الإنسان أيا كان لونه أو لسانه؛ ليستنقذه لا ليستهويه، وليعينه على تحقيق رسالته في الحياة في ظل مناهج الدين الحق، لا ليستغل جهده، ويسلب منه حبات عرقه، وليستثمر فيه القيم، لا ليثير فيه كوامن الشهوة ، وجوامح الغريزة ، وأسباب البغي .
ولنضع أمامنا هـذه الآيات من كتاب رب العالمين تؤكد ما قلت، وتعزز ما استنتجت. يقول تبارك وتعالى:
( وإذا قلتم فاعدلوا ) ( الأنعام: 152) .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ) ( الأحزاب: 70) ،
( وقولوا للناس حسنا ) ( البقرة: 83) ،
( وقل لعبادي يقولوا التي هـي أحسن ) (الإسراء:53) .
[ ص: 71 ] ( وقول الرسول عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل : أمسك عليك هـذا وأشار إلى لسانه فقال: يا رسول الله، أو نحن مؤاخذون بما نتكلم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم ؟! ) (
الترمذي وقال: حسن صحيح ) .
وهكذا تتضح لنا بجلاء الخطوط الرئيسة التي تتكون منها الصورة المشرقة للإعلام الإسلامي.