الفصل الثاني: في الاستعارة أو النقل
الإمكان والشروط في التجربة التاريخية والمعاصرة
لعبت العوامل الداخلية -تأويلا أو تحويلا وتحريفا في الفـهم والاستعمال للمصطلح التراثي- دورا بارزا في خلـق مـا يعبر عـنه بـ: (إشكالية، أو أزمة المصطلح والمفهوم) في تراثنا العربي الإسلامي.
ولئن كان دور هـذه العوامل على نحو ما تم ذكره -ولو باقتضاب شديد- فإن دور العوامل الخارجية لا يقل خطرا في صنع هـذه الأزمة وتعميق مشكلاتها. والمراد بالعوامل الخارجية: المصطلحات والمفاهيم الوافدة المعبر عنها في تراثنا بـ: ( الدخيلة ) أو ( المنـقولة )
>[1] . ولعل خطرها لا ينحـصر في كونها كـذلك،
[ ص: 73 ] وإنما في عوامل أخرى يمكن إجمالها في ثلاثة أساسية: أولها: مدى الحاجة إلى النقل وضرورته. ثانيها: كيفية هـذا النقل و (مسطرته) . ثالثـها: في التعامل مع المنقول والإفادة منه في الثقافة المحلية.
هذه فيما أعتقد -وكما سيتضح- من أهم مشكلات الأمة الحضارية: النقل من غير حاجة داعية، النقل من غير ضوابط واقية، التوظيف من غير خطة بانية.
والمصطلح في العلوم الإسلامية كما في العلوم الإنسانية وفي العلوم التجريبية هـو المعبر الأول عن هـوية الأمة وذاتها وأصالتها، وهو أيضا المدخل الأول إلى استلحاقها واستتباعها وتجريدها عن مقومات الهوية والذات. والنظر إلى الإشكال من هـذا الأفق الكلي وحده كفيل بتوضيح الصور الجزئية الـتي غالبا ما تتناول بتبسيط واستسهال في كثير من الكتابات والأدبيات المعاصرة خصوصا.
[ ص: 74 ]