كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويتعين أن يقاتل كل قوم من يليهم من العدو ) لقوله تعالى { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } ; ولأن الاشتغال بالعدو البعيد يمكن القريب من انتهاز الفرصة في المسلمين ، لاشتغالهم عنه ( إلا لحاجة ) إلى قتال الأبعد ( كأن يكون ) العدو ( الأبعد أخوف ، أو ) لمصلحة في البداءة بالأبعد ( لغرته ) بكسر الغين المعجمة .

( وإمكان الفرصة منه أو يكون الأقرب مهادنا ، أو يمنع مانع من قتاله ) أي : الأقرب ( فيبدأ بالأبعد ) للحاجة ( ومع التساوي ) أي : تساوي العدو في البعد والقرب .

( قتال أهل الكتاب أفضل ) ; لأنهم يقاتلون عن دين قاله ابن المبارك وكان يأتي من مرو لغزو الروم واستبعده أحمد من حيث ترك العدو القريب والمجيء إلى البعيد ، وحمل على أنه متبرع بالجهاد ، والكفاية حاصلة بغيره ، لكن يؤيده : حديث أم خلاد من قوله صلى الله عليه وسلم لها { إن ابنك له أجر شهيدين قالت : ولم ذاك يا رسول الله ؟ قال : لأنه قتله أهل الكتاب } رواه أبو داود ( ويقاتل من تقبل منهم الجزية ) وهم أهل الكتاب والمجوس ( حتى يسلموا ) لحديث { أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله } ( أو يبذلوا الجزية ) بشرطه لقوله تعالى { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } . الآية .

( و ) يقاتل ( من لا تقبل منهم ) الجزية ( حتى يسلموا ) للحديث السابق ، خص منه أهل الكتاب للآية ، والمجوس " لأخذه صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر وبقي من عداهم ( فإن امتنعوا من ذلك ) أي : من بذل الجزية ، حيث تقبل منهم ومن الإسلام ( وضعف المسلمون عن قتالهم انصرفوا ) عن الكفار بلا قتال لما تقدم من مصالحته صلى الله عليه وسلم قريشا على ترك القتال عشر سنين ( إلا إن خيف على من يليهم ) أي : الكفار ( من المسلمين ) ، فلا ينصرفون عنهم ، لئلا يسلطوهم على المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية