الفصل الخامس
التكامل بين العلوم وبناء المناهج التعليمية
في الجامعات العربية والإسلامية
إن ثمة صلة بين «تكامل» العلوم و «توطينها»، وهذا ما يمكن استيضاحه عند المقارنة بين الحالة التعليمية التي تقدم فيها العلوم بمعزل عن بعضها، والحالة التي تتعاون فيها العلوم على مواجهة الظواهر أو الإشكاليات على نحو متكامل، ففي الحالة الثانية يمكن للتعليم المتسق مع قوانين الواقع الاجتماعي والبيئي أن يبلور العلوم ويعيد صياغتها على النحو الذي يكسبها الملامح الوطنية.
فمثلا على صعيد التعامل مع التكنولوجيا -استيرادا أو إبداعا- يمكن للعلوم المختلفة أن تتعاون على تحديد ما هـو ملائم منها للمجتمع، وما هـو منسجم مع الواقع، فعلماء السكان من خلال الدراسات الميدانية والإحصائية والتنبئية يمكنهم تقديم صورة واضحة عن تركيبة المجتمع وخصائصه وحركته، وعلماء الاجتماع بوسعهم تحليل الواقع الثقافي والاجتماعي وتحديد مدى قدرته على التعامل مع الأفكار والأساليب الحديثة، وبمقدور علماء الاقتصاد -عبر الدراسات المقارنة- تبيان ما هـو ملائم ومجد من [ ص: 183 ] تكنولوجيا ، وهكذا بالنسبة إلى التخصصات الأخرى التي بوسع كل منها أن يدلي بدلوه بخصوص المشكلة أو المشروع موضوع البحث أو الاختيار.
من هـنا يمكن القول: إن تقديم العلوم الإنسانية والطبيعية وغيرها ضمن المناهج التعليمية في الجامعات العربية والإسلامية على نحو متكامل من شأنه أن يسهم في تكوين النظام المعرفي الخاص ومن ثم يعمل على توطين العلوم.
والحقيقة: إن الدعوة إلى المنظور التكاملي للعلوم تحتاج إلى مزيد من الإضاءة والتحليل.
التالي
السابق