1261 - مسألة :
ومن
كسر لآخر شيئا ، أو جرح له عبدا ، أو حيوانا ، أو خرق له ثوبا ، قوم كل ذلك صحيحا مما جنى عليه ، ثم قوم كما هو الساعة ، وكلف الجاني أن يعطي صاحب الشيء ما بين القيمتين ولا بد ، ولا يجوز أن يعطي الشيء المجني عليه للجاني لما ذكرنا آنفا وإنما عليه أن يعتدي عليه بمثل ما اعتدى فقط ، وسواء كانت الجناية صغيرة أو كبيرة لا يحل هذا .
وللحنفيين هاهنا اضطراب وتخليط كثير ، كقولهم : من
غصب ثوبا فإنه يرد إلى صاحبه فإن وجد وقد قطعه الغاصب فصاحب الثوب مخير بين أخذه كما هو وما نقصه القطع وبين أن يعطيه للغاصب ويضمنه قيمة الثوب ، فإن لم يوجد إلا وقد خاطه قميصا : فهو للغاصب بلا تخيير ، وليس عليه إلا قيمة الثوب .
وكذلك قولهم في الحنطة تغصب فتطحن ، والدقيق يغصب فيعجن ، واللحم يغصب فيطبخ ، أو يشوى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ما في المجاهرة بكيد الدين أكثر من هذا ، ولا في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا ، فيقال لكل فاسق : إذا أردت أخذ قمح يتيم ، أو جارك ، وأكل غنمه ، واستحلال ثيابه ، وقد امتنع من أن يبيعك شيئا من ذلك فاغصبها ، واقطعها ثيابا على رغمه ، واذبح غنمه وأطبخها ، واغصبه حنطته واطحنها ، وكل كل ذلك حلالا طيبا ، وليس عليك إلا قيمة ما أخذت ، وهذا خلاف القرآن في نهيه تعالى أن نأكل أموالنا بالباطل ، وخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } و {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .
[ ص: 440 ] وما يشك أحد من أهل الإسلام في أن كل ثوب قطع من شقة فإنه لصاحب الشقة ، وكل دقيق طحن من حنطة إنسان فهو لصاحب الحنطة ، وكل لحم شوي فهو لصاحب اللحم - وهم يقرون بهذا ثم لا يبالون بأن يقولوا : الغصب ، والظلم ، والتعدي يحل أموال المسلمين للغصاب .
واحتجوا في ذلك بأمر القصعة المكسورة التي ذكرنا قبل وهم أول مخالف لذلك الخبر فخالفوه فيما فيه ، واحتجوا له فيما ليس فيه منه شيء .
واحتجوا أيضا بخبر {
المرأة التي دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام فأخبرته أنها أرادت ابتياع شاة فلم تجدها فأرسلت إلى جارة لها : ابعثي إلي الشاة التي لزوجك فبعثت بها إليها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة أن تطعم الأسارى } قال هذا الجاهل المفتري : فهذا يدل على أن حق صاحب الشاة قد سقط عنها إذ شويت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا الخبر لا يصح ، لو صح لكان أعظم حجة عليهم ، لأنه خلاف لقولهم ، إذ فيه : أنه عليه السلام لم يبق ذلك اللحم في ملك التي أخذتها بغير إذن ربها ، وهم يقولون : إنه للغاصب حلال - وهذا الخبر فيه : أنه لم يأخذ رأيها في ذلك - فصح أنه ليس لها ، فهو حجة عليهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : والمحفوظ عن الصحابة رضي الله عنهم خلاف هذا - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلوا بأهل ماء وفيهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق ، فانطلق
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان فجعل يقول لهم : يكون كذا وكذا - وهم يأتونه بالطعام واللبن ، ويرسل هو بذلك إلى أصحابه - فأخبر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بذلك فقال : أراني آكل كهانة النعمان منذ اليوم ، ثم أدخل يده في حلقه فاستقاءه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق في مغازيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي قال : كنت في غزوة ذات السلاسل فذكر قسمته الجزور بين القوم وأنهم أعطوه منها ، فأتى به إلى أصحابه فطبخوه فأكلوه ، ثم سأله
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر عنه ؟ فأخبرهما ، فقالا له : والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : شرب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لبنا فأعجبه فسأل عنه فأخبر أنه حلب له من نعم الصدقة فأدخل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أصبعه فاستقاءه .
[ ص: 441 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه أن أهل
الكوفة قالوا له : قد شرب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي نبيذ الجر ؟ قال
سليمان : فقلت لهم : هذا
أبو إسحاق الهمداني يحدث أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أخبر أنه نبيذ جر تقيأه .
نا
أحمد بن عمر بن أنس العذري نا
عبيد الله بن محمد السقطي نا
محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة نا
أحمد بن شويه قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق يقول : دخل
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر على أهله فإذا عندها فاكهة فأكل منها ، ثم سأل عنها فقالت له : أهدتها إلينا فلانة النائحة ، فقام
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر فتقيأ ما أكل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بحضرة الصحابة وعلمهم لا مخالف لهم منهم في ذلك لا يرون
الطعام المأخوذ بغير حق ملكا لآخذه ، وإن أكله ، بل يرون عليه إخراجه ، وأن لا يبقيه في جسمه ما دام يقدر على ذلك ، وإن استهلكه ، فبأي شيء تعلق هؤلاء القوم في إباحة الحرام جهارا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبهذا نقول ، فما دام المرء يقدر على أن يتقيأه ، ففرض عليه ذلك ، ولا يحل إمساك الحرام أصلا فإن عجز عن ذلك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وهذا مما خالفوا فيه القرآن ، والسنن بآرائهم الفاسدة ، وتقليدا لبعض التابعين في خطأ أخطأه - وبالله تعالى التوفيق .
وقالوا أيضا : قسنا هذا على العبد يموت فتضمن قيمته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا عليهم ، لا لهم ، لأن الميت لا يتملكه الغاصب .