1541 - مسألة : ولا يحل أن
يجبر أحد على أن يبيع مع شريكه لا ما ينقسم ولا ما لا ينقسم ، ولا على أن يقاومه فيبيع أحدهما من الآخر ، لكن ما شاء من الشريكين أو الشركاء أن يبيع حصته : فله ذلك ، ومن أبى لم يجبر ، فإن أجبره على ذلك حاكم أو غيره : فسخ حكمه أبدا ، وحكم فيه بحكم الغصب .
برهان ذلك - : قول الله - تعالى - : {
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } .
[ ص: 520 ] ومن
أجبر على بيع حقه فلم يرض فلا يجوز عليه ; لأنه خلاف أمر الله - تعالى - ، فهو أكل مال بالباطل إلا حيث أمر الله - تعالى - بالبيع ، وإن لم يرض كالشفعة ، وعلى الغائب ، وعلى الصغير ، وعلى الظالم .
واحتج القائلون بإجبار الشريك على البيع مع شريكه بخبر روي فيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30905لا ضرر ولا ضرار } وهذا خبر لم يصح قط ، إنما جاء مرسلا ، أو من طريق فيها
إسحاق بن يحيى - وهو مجهول - ثم لو صح لكان حجة عليهم ; لأن أعظم الضرار والضرر : هو الذي فعلوه من إجبارهم إنسانا على بيع ماله بغير رضاه ، وبغير أن يوجب الله - تعالى - عليه ذلك ، وما أباح الله - تعالى - قط أن يراعى رضا أحد الشريكين بإسخاط شريكه في ماله نفسه ، وهذا هو الجور والظلم الصراح .
ولا فرق بين أن يجاب أحد الشريكين إلى قوله : لا بد أن يبيع شريكي معي لأستجزل الثمن في حصتي ، وبين أن يجاب الآخر إلى قوله : لا بد أن يمنع شريكي مع بيع حصته ; لأن في ذلك ضررا علي في حصتي ، وكلا الأمرين عدوان وظلم ، لكن الحق أن كليهما ممكن من حصته ، من شاء باع حصته ومن شاء أمسك حصته .
وقد موهوا في ذلك بما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبو بشر عن
ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : {
أن نخلة كانت لإنسان في حائط آخر ، فسأله أن يشتريها منه ، فأبى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ضرر في الإسلام } وهذا مرسل .
ثم لو صح لكان حجة عليهم ، لأننا نقول لهم نعم ، وهذا منع من أن
يجبر الآخر على الشراء من شريكه ، وهو لا يريد ذلك ، أو على البيع منه أو من غيره ، وهو لا يريد ذلك - : فهذان ضرر ظاهر .
وذكروا أيضا : ما رويناه من طريق
أبي داود نا
سليمان بن داود العتكي نا
حماد نا
[ ص: 521 ] واصل مولى أبي عيينة قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17002محمد بن علي يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8205أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار قال : ومع الرجل أهله فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ، فطلب إليه أن يبيعه أو يناقله فأبى فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه ، فأبى ، فطلب إليه يناقله ، فأبى قال : فهبه له ولك كذا وكذا أمرا رغبه فيه ، فأبى ، فقال : أنت مضار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري : اذهب فاقلع نخله } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا منقطع ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=17002محمد بن علي لا سماع له من
سمرة ، ثم لو صح لكانوا مخالفين له في موضعين - : أحدهما - أنهم لا يجبرون غير الشريك على البيع من جاره ، ولا على البيع معه ، وفي هذا الحديث خلاف ذلك .
والثاني - قلع نخله - وهم لا يقولون بهذا - وبالله - تعالى - التوفيق .