1665 - مسألة : ولا يجوز
عتق الجنين دون أمه إذا نفخ فيه الروح قبل أن تضعه أمه ، ولا هبته دونها .
ويجوز عتقه قبل أن ينفخ فيه الروح وتكون أمه بذلك العتق حرة وإن لم يرد عتقها ، ولا تجوز هبته أصلا دونها .
[ ص: 168 ] فإن
أعتقها - وهي حامل - فإن كان جنينها لم ينفخ فيه الروح ، فهو حر ، إلا أن يستثنيه فإن استثناه فهي حرة ، وهو غير حر وإن كان قد نفخ فيه الروح فإن أتبعها إياه إذ أعتقها فهو حر ، وإن لم يتبعها إياه ، أو استثناه : فهي حرة ، وهو غير حر .
وكذلك القول في الهبة إذا وهبها سواء سواء ولا فرق .
وحد نفخ الروح فيه : تمام أربعة أشهر من حملها .
برهان صحة قولنا - : قول الله عز وجل : {
ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=14161الحسن بن علي الحلواني نا
أبو توبة - هو الربيع بن نافع - نا
nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية - يعني ابن سلام - أنه سمع
أبا سلام نا
nindex.php?page=showalam&ids=11806أبو أسماء الرحبي : أن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50986ماء الرجل أبيض ، وماء المرأة أصفر ، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله } وذكر الحديث .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ،
وسفيان ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش نا
nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب نا
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50987 : أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وعمله وأجله ثم يكتب شقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح } " وذكر الحديث .
[ ص: 169 ] فهذه النصوص توجب كل ما قلنا - فصح أنه إلى تمام المائة والعشرين ليلة ماء من ماء أمه ولحمة ومضغة من حشوتها كسائر ما في جوفها ، فهو تبع لها ; لأنه بعضها وله استثناؤه في كل حال ; لأنه يزايلها كما يزايلها اللبن .
وإذ هو كذلك فإذا أعتق فقد أعتق بعضها ، فوجب بذلك عتق جميعها ، لما نذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى .
ولا يجوز هبته دونها ; لأنه مجهول ، ولا تجوز
هبة المجهول على ما ذكرنا في " كتاب الهبات " .
وأما إذا نفخ فيه الروح فهو غيرها ; لأن الله تعالى سماه {
خلقا آخر } وهو حينئذ قد يكون ذكرا وهي أنثى ، ويكون اثنين وهي واحدة ، ويكون أسود أو أبيض وهي بخلافه في خلقه وخلقه ، وفي السعادة والشقاء ، فإذ هو كذلك فلا تجوز هبته ولا عتقه دونها ; لأنه مجهول ، ولا يجوز التقرب إلى الله تعالى إلا بما تطيب النفس عليه ، ولا يمكن ألبتة طيب النفس إلا في معلوم الصفة والقدر ، فإن أعتقها فلا عتق له ; لأنه غيرها فإن وهبها فكذلك ، فإن أتبعها حملها في العتق والهبة والصدقة : جاز ذلك ; لأنه لم يزل الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعلمه وبعده يعتقون الحوامل وينفذون عتق حملها ويهبون كذلك ويبيعونها كذلك ، ويمتلكونها بالقسمة كذلك ، ويتصدقون ويهدون ويضحون بإناث الحيوان فيتبعون أحمالها لها فتكون في حكمها - وبالله تعالى التوفيق .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
قرة بن سليمان عن
محمد بن فضالة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فيمن أعتق أمته واستثنى ما في بطنها قال : له ثنياه .
ومن طريق
محمد بن عبد الملك بن أيمن نا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل نا أبي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي نا
عباد بن عباد المهلبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه أعتق أمة له واستثنى ما في بطنها .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر - هذا إسناد كالشمس من أوله إلى آخره .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان نا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أنه قال في الذي يعتق أمته ويستثني ما في بطنها قال : ذلك له .
[ ص: 170 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح فيمن أعتق أمته واستثنى ما في بطنها قال : له ذلك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور نا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : من كاتب أمته واستثنى ما في بطنها فلا بأس بذلك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : إذا أعتقها واستثنى ما في بطنها فله ثنياه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن
الشعبي قال : من أعتق أمته واستثنى ما في بطنها فذلك له .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
حرمي بن عمارة بن أبي حفصة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : سألت
الحكم بن عتيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان عن ذلك ؟ - يعني : عمن أعتق أمته واستثنى ما في بطنها - فقالا جميعا : ذلك له .
وقد روي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة : إذا أعتقها فولدها حر وليس له أن يستثنيه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب - ولم يصح عنه - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
وسفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة : إن أعتق ما في بطن أمته دونها فهو له ، فإن ولدته فعسى أن يعتق ، وله بيعها قبل أن تضع ، وترق هي وما ولدت ، ويبطل عتقه ، وكذلك إن مات : فهي وما في بطنها رقيق لا عتق له .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن أعتق ما في بطن أمته فإن مات وقام غرماؤه بيعت وكان ما في بطنها رقيقا ولا عتق له ، فإن لم تبع حتى وضعت فهو حر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن أعتق ما في بطن أمته فهو حر ، ولا يرق أبدا .
[ ص: 171 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا مما خالفوا فيه
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ولا يعرف له من الصحابة مخالف ، وهم يعظمون هذا .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، ففي غاية التناقض ، ولا يخلو عتقه لجنين أمته من أن يكون عتقا أو لا يكون عتقا ، فإن كان عتقا لا يحل استرقاقه - بيعت أمه أو لم تبع - وإن كان ليس عتقا فلا يجوز أن يصح له عتق وإن وضعته بقول " ليس عتقا " ونسوا هاهنا احتجاجهم ب {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50753المسلمين عند شروطهم } و ب {
أوفوا بالعقود } .
وهذا قول لا يؤيده قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول صاحب ، ولا قول أحد قبل
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، ولا غيرهما ، ولا قياس ، ولا رأي سديد ، بل هو مخالف لكل ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
وعهدناهم يحتجون في بعض المواضع بشيء لا يعرف مخرجه " كل ذات رحم فولدها بمنزلتها " وهم أول مخالف لهذا ، فيقولون في ولد الغارة ، والمستحقة : هي أمة وولدها حر .
وقال بعضهم : لم نجد قط امرأة حرة يكون جنينها مملوكا .
فقلنا : ولا وجدتم قط امرأة مملوكة وولدها حر ، وقد قضيتم بذلك في أم الولد ، ولا وجد الحنفيون قط حكم الآبق ، وجعله في غير الآبق ، ولا وجد المالكيون قط امرأة متزوجة بزيد ترث عمرا بالزوجية وهي في عصمة زيد ، ولا وجد الشافعيون قط حكم المصراة في غير المصراة - وهذا تخليط لا نظير له - وبالله تعالى التوفيق .