1826 - مسألة : وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر - ما لم تبلغ - بغير إذنها ، ولا خيار لها إذا بلغت فإن كانت ثيبا من زوج مات عنها أو طلقها لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها حتى تبلغ ، ولا إذن لهما قبل أن تبلغ .
وإذا بلغت البكر والثيب لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها إلا بإذنها ، فإن وقع فهو مفسوخ أبدا .
فأما الثيب فتنكح من شاءت ، وإن كره الأب .
وأما البكر فلا يجوز لها نكاح إلا باجتماع إذنها وإذن أبيها .
وأما الصغيرة التي لا أب لها فليس لأحد أن ينكحها لا من ضرورة ولا من غير ضرورة حتى تبلغ ، ولا لأحد أن
ينكح مجنونة حتى تفيق وتأذن ، إلا الأب في التي لم تبلغ وهي مجنونة فقط .
وفي بعض ما ذكرنا خلاف - : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة : لا يجوز
إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن ، ورأى أمر
[ ص: 39 ] nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها خصوصا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كالموهوبة ، ونكاح أكثر من أربع .
وقال
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي : إنكاح الأب ابنته الصغيرة والكبيرة الثيب ، والبكر - وإن كرهتا - جائز عليهما .
كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر ،
وعبيدة ، قال
منصور : عن
الحسن ، وقال
عبيدة : عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ، قالا جميعا : إن نكاح الأب ابنته بكرا أو ثيبا جائز .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم قولا آخر - : كما حدثنا
محمد بن سعيد بن نبات نا
أحمد بن عبد الرحيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
محمد بن عبد السلام الخشني نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : البكر لا يستأمرها أبوها والثيب إن كانت في عيال استأمرها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أما البكر فلا يستأمرها أبوها - بلغت أو لم تبلغ ، عنست أو لم تعنس - وينفذ إنكاحه لها وإن كرهت ، وكذلك إن دخل بها زوجها إلا أنه لم يطأها ، فإن بقيت معه سنة وشهدت المشاهد لم تجز للأب أن ينكحها بعد ذلك إلا بإذنها - وإن كان زوجها لم يطأها .
قال : وأما الثيب فلا يجوز إنكاح الأب ولا غيره عليها إلا بإذنها .
قال : والجد بخلاف الأب فيما ذكرنا ، لا يزوج البكر ولا غيرها إلا بإذنها كسائر الأولياء .
واختلف قوله في
البكر الصغيرة التي لا أب لها فأجاز إنكاح الأخ لها إذا كان نظرا لها في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، ومن منعه رواية
ابن القاسم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ينكح الأب الصغيرة ما لم تبلغ - بكرا كانت أو ثيبا - فإذا بلغت نكحت من شاءت ولا إذن للأب في ذلك كسائر الأولياء ، ولا يجوز إنكاحه لها إلا بإذنها - بكرا كانت أو ثيبا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : والجد كالأب في كل ذلك .
[ ص: 40 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يزوج الأب والجد للأب إن كان الأب قد مات : البكر الصغيرة ولا إذن لها إذا بلغت ، وكذلك البكر الكبيرة .
ولا يزوج الثيب الصغيرة أحد حتى تبلغ ، سواء بإكراه ذهبت عذرتها أو برضا ، بحرام أو حلال .
وأما الثيب الكبيرة فلا يزوجها الأب ولا الجد ولا غيرهما إلا بإذنها ، ولها أن تنكح من شاءت إذا كانت بالغا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : الحجة في إجازة إنكاح الأب ابنته الصغيرة البكر إنكاح
أبي بكر - رضي الله عنه - النبي صلى الله عليه وسلم من
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين ، وهذا أمر مشهور غني عن إيراد الإسناد فيه ، فمن ادعى أنه خصوص لم يلتفت لقوله ، لقول الله عز وجل : {
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } فكل ما فعله عليه الصلاة والسلام فلنا أن نتأسى به فيه ، إلا أن يأتي نص بأنه له خصوص .
فإن قال قائل : فإن هذا فعل منه عليه الصلاة والسلام وليس قولا ، فمن أين خصصتم البكر دون الثيب ، والصغيرة دون الكبيرة ، وليس هذا من أصولكم ؟
قلنا : نعم ، إنما اقتصرنا على الصغيرة البكر للخبر الذي رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
ابن أبي عمر نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان - هو ابن عيينة - عن
زياد بن سعد عن
عبد الله بن الفضل سمع
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير يخبر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51212الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها } .
فخرجت الثيب صغيرة كانت أو كبيرة بعموم هذا الخبر ، وخرجت البكر البالغ به أيضا ، لأن الاستئذان لا يكون إلا للبالغ العاقل للأثر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رفع القلم عن ثلاث } فذكر فيهم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51213الصغير حتى يبلغ } فخرج البكر التي لا أب لها بالنص المذكور أيضا ، فلم تبق إلا الصغيرة البكر ذات الأب فقط .
فإن قيل : فلم لم تجيزوا إنكاح الجد لها كالأب ؟
[ ص: 41 ] قلنا : لقول الله تعالى : {
ولا تكسب كل نفس إلا عليها } فلم يجز أن يخرج من هذا العموم إلا ما جاء به الخبر فقط ، وهو الأب الأدنى ، وبالخبر المذكور يبطل قول
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم الذي ذكرنا آنفا .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في التي
بقيت مع زوجها أقل من سنة - ولم يطأها - أن أباها يزوجها بغير إذنها ، فإن أتمت مع زوجها سنة وشهدت المشاهد لم يكن له أن يزوجها إلا بإذنها .
ففي غاية الفساد ، لأنه تحكم لا يعضده قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية ضعيفة ، ولا قول أحد قبله جملة ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه .
وأما إلحاق
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الصغيرة الموطوءة بحرام بالثيب ، فخطأ ظاهر ، لأننا نسألهم إن بلغت فزنت : أبكر هي في الحد أم ثيب ؟ فمن قولهم : إنها بكر ، فظهر فساد قولهم ، وصح أنها في حكم البكر .
وأما من جعل للثيب والبكر إذا بلغت أن تنكح من شاءت - وإن كره أبوها - ومن جعل للأب أن ينكحها - وإن كرهت - فكلاهما خطأ بين ، للأثر الثابت الذي ذكرنا آنفا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51212الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها } .
ففرق عليه الصلاة والسلام بين الثيب والبكر فجعل للثيب أنها أحق بنفسها من وليها ، فوجب بذلك أنه لا أمر للأب في إنكاحها ، وأنها أحق بنفسها منه ومن غيره ، وجعل البكر بخلاف ذلك ، وأوجب على الأب أن يستأمرها ، فصح أنه لا بد من اجتماع الأمرين : إذنها ، واستئذان أبيها ، ولا يصح لها نكاح ولا عليها إلا بهما جميعا .
وقوله تعالى : {
ولا تكسب كل نفس إلا عليها } موجب أن لا يجوز على البالغة البكر إنكاح أبيها بغير إذنها ، وقد جاءت بهذا آثار صحاح - : نا
عبد الله بن ربيع نا
محمد بن معاوية المروزي نا
أحمد بن شعيب أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17109معاوية بن صالح نا
nindex.php?page=showalam&ids=14153الحكم بن موسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16106شعيب بن إسحاق عن
الأوزاعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51214أن رجلا زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها ، فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففرق بينهما } .
[ ص: 42 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد :
معاوية بن صالح هذا هو الأشعري - ثقة مأمون - ليس هو الأندلسي الحضرمي ، ذلك ضعيف ، وهو قديم .
وبه إلى
أحمد بن شعيب نا
محمد بن داود المصيصي نا
nindex.php?page=showalam&ids=14131حسين بن محمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50545أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : إن أبي زوجني - وهي كارهة - فرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم نكاحها } .
نا
أبو عمر أحمد بن قاسم قال : حدثني
أبي قاسم بن محمد بن قاسم قال : حدثني جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
محمد بن إبراهيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران نا
دحيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51215إن رجلا زوج ابنته بكرا فكرهت فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرد نكاحها } .
نا
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد نا
إبراهيم بن أحمد البلخي نا
الفربري نا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
معاذ بن فضالة نا
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام - هو الدستوائي - عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة حدثهم أن النبي قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30647لا تنكح الأيم [ ص: 43 ] حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا : يا رسول الله فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : الآثار هاهنا كثيرة ، وفيه ذكرنا كفاية ، وقد جاء في رد نكاح الأب ابنته الثيب بغير إذنها حديث خنساء بنت خدام .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقال بعضهم : {
زوج النبي صلى الله عليه وسلم بناته ولم يستأذنهن } . فقلنا : هذا لا يعرف في شيء من الآثار أصلا ، وإنما هي دعوى كاذبة ، بل قد جاءت آثار مرسلة بأنه عليه الصلاة والسلام كان يستأمرهن .
وقد تقصينا في " كتاب الإيصال " ما اعترض به من لا يبالي مما أطلق به لسانه في الآثار التي أوردنا ، بما لا معنى له من رواية بعض الناس لها بلفظ مخالف للفظ الذي روينا ، ونحو ذلك ، وكل ذلك لا معنى له ، لأن اختلاف الألفاظ ليس علة في الحديث ، بل إن كان روى جميعها الثقات وجب أن تستعمل كلها ، ويحكم بما اقتضاه كل لفظ منها ، ولا يجوز ترك بعضها لبعض ، لأن الحجة قائمة بجميعها وطاعة كل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام فرض على الجميع ، ومخالفة شيء منه معصية لله عز وجل ، وإن كان روى بعضها ضعيف فالاحتجاج به على ما رواه الثقات ضلال .
وقد جاء مثل قولنا عن السلف - : نا
عبد الله بن ربيع نا
عبد الله بن محمد بن عثمان نا
nindex.php?page=showalam&ids=12252أحمد بن خالد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز نا
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة نا
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
عكرمة : أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان كان إذا أراد أن ينكح إحدى بناته قعد إلى خدرها فأخبرها أن فلانا يخطبها .
نا
حمام بن أحمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يستأمر بناته في نكاحهن .
[ ص: 44 ]
وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه قال : تستأمر النساء في أبضاعهن - .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس : الرجال في ذلك بمنزلة البنات لا يكرهون وأشد شأنا .
وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم عن
الشعبي قال : يستأمر الأب البكر والثيب .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابنا - وبالله تعالى التوفيق .
وما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة إنكاح أبيها لها بغير إذنها متعلقا أصلا ، إلا أن قالوا : قد ثبت جواز إنكاحه لها وهي صغيرة فهي على ذلك بعد الكبر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا شيء لوجهين - : أحدهما - أن النص فرق بين الصغير والكبير بما ذكرنا من قوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51218رفع القلم عن ثلاثة - فذكر : الصغير حتى يكبر } .
والثاني - أن هذا قياس ، والقياس كله فاسد ، وإذ صححوا قياس البالغة على غير البالغة فليلزمهم أن يقيسوا الجد في ذلك على الأب ، وسائر الأولياء على الأب أيضا ، وإلا فقد تناقضوا في قياسهم ، ويكفي من ذلك النصوص التي أوردنا في رد إنكاح البكر بغير إذنها - وبالله تعالى التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وإذا بلغت المجنونة - وهي ذاهبة العقل - فلا إذن لها ولا أمر ، فهي على ذلك لا ينكحها الأب ولا غيره حتى يمكن استئذانها الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .