1853 - مسألة :
ولا يجوز أن تجبر المرأة على أن تتجهز إليه بشيء أصلا ، لا من صداقها الذي أصدقها ، ولا من غيره من سائر مالها ، والصداق كله لها تفعل فيه كله ما شاءت ، لا إذن للزوج في ذلك ، ولا اعتراض .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وغيرهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن أصدقها دنانير أو دراهم أجبرت على أن تبتاع بكل ذلك شورة من ثياب ووطاء وحلي تتجمل به له ، ولا يحل له أن تقضي منها دينا عليها إلا ثلاثة دنانير
[ ص: 109 ] فأقل ، فإن أصدقها نقار ذهب أو نقار فضة فهو لها ، ولا تجبر على أن تبتاع بها شورة أصلا .
فإن أصدقها حليا أجبرت أن تتحلى به له ، فإن أصدقها ثيابا ووطاء أجبرت على أن تلبسها بحضرته ، ولم تجب لها عليه كسوة حتى تمضي مدة تخلق فيها تلك الثياب .
فإن أصدقها خادما أنثى أجبرت على أن تخدمها ولم يكن لها بيعها .
وإن أصدقها عبدا فلها أن تفعل فيه ما شاءت من بيع أو غيره . فلو أصدقها دابة ، أو ماشية ، أو ضيعة ، أو دارا ، أو طعاما لم يكن للزوج في كل ذلك رأي ، وهو لها تفعل فيه ما شاءت من بيع أو غيره وليس للزوج أن ينتفع بشيء من ذلك ، ولا أن ينظر فيه إلا بإذنها إن شاءت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا يكفي من فساده عظيم تناقضه ، وفرقه بين ما فرق من ذلك بلا برهان من قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول أحد نعلمه قبله ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه .
وأطرف شيء إباحته لها قضاء الثلاثة دنانير والدينارين في دينها فقط ، لا أكثر من ذلك ، فليت شعري إن كان صداقها ألفي دينار ، أو كان صداقها دينارا واحدا كيف العمل في ذلك إن هذا العجب ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبرهان صحة قولنا - : قول الله تعالى : {
وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا }
فافترض الله عز وجل على الرجال أن يعطوا النساء صدقاتهن نحلة ، ولم يبح للرجال منها شيئا إلا بطيب أنفس النساء ، فأي بيان بعد هذا نرغب ؟ أم كيف تطيب نفس مسلم على مخالفة هذا الكلام لرأي فاسد متخاذل متنافر لا يعرف لقائله فيه سلف .
ووجدنا الله عز وجل قد أوجب للمرأة حقوقا في مال زوجها - أحب أم كره - وهي الصداق ، والنفقة ، والكسوة ، والإسكان ، ما دامت في عصمته والمتعة إن طلقها - ولم يجعل للزوج في مالها حقا أصلا ، لا ما قل ولا ما كثر .
[ ص: 110 ] ولا شيء أطرف من إسقاطهم عن الزوج الكسوة ما دام يمكنها أن تكتسي من صداقها ولم يسقط عنه النفقة ما دام يمكنها أن تنفق على نفسها من صداقها ؟ فهل سمع بأسقط من هذا الفرق الفاسد ؟ وشغب بعضهم بقول الله عز وجل : {
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض } ؟ فقلنا : صدق الله عز وجل ، ولا يحل تحريف الكلم عن مواضعه ، ولا أن نقول عليه عز وجل ما لم يقل ، فهذا من أكبر الكبائر .
وليس في هذه الآية ذكر لقيامه على شيء من مالها ، ولا للحكم برأيه ، ولا للتصرف فيه .
وإنما فيها أنه قائم عليها يسكنها حيث يسكن ويمنعها من الخروج إلى غير الواجب ، ويرحلها حيث يرحل .
ثم لو كان في الآية لما ادعيتم لكنتم أول مخالفين لها ، لأنكم خصصتم بعض الصدقات دون بعض ، ودون سائر مالها ، كل ذلك تحكم بالباطل بلا برهان .
وشغبوا أيضا بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50525تنكح المرأة لأربع : لحسنها ، ومالها ، وجمالها ، ودينها - فاظفر بذات الدين تربت يداك } .
وهذا عجب جدا لا نظير له - : أول ذلك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن تنكح لمالها ، ولا ندب إلى ذلك ، ولا صوبه ، بل إنما أورد ذلك إخبارا عن فعل الناس فقط ، وهذه أفعال الطماعين المذموم فعلهم في ذلك بل في الخبر نفسه الإنكار لذلك بقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50525 : فاظفر بذات الدين } فلم يأمر بأن تنكح بشيء من ذلك إلا للدين خاصة ، لكن الواجب أن تنكح المرأة الزوج لماله ، لأن الله تعالى أوجب لها الصداق عليه والنفقة والكسوة .
[ ص: 111 ] وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان النهي عن أن تنكح المرأة لمالها - : كما حدثنا
أحمد بن محمد الطلمنكي نا
ابن مفرج القاضي نا
محمد بن أيوب الرقي نا
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار نا
nindex.php?page=showalam&ids=16023سلمة بن شبيب نا
nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51274لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعل حسنهن يرديهن ، ولا تنكحوهن لأموالهن فلعل أموالهن يطغيهن ، وأنكحوهن للدين ، ولأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل } .
ثم إنهم أول مخالفين لما موهوا به ; لأنه ليس في نكاح المرأة لمالها - لو أبيح ذلك أو ندب إليه - شيء مما أتوا به من التخليط في الفرق بين صداق فضة مضروبة ، وذهب مضروب ، وبين سبائك فضة وذهب غير مضروبة ، والفرق بين إصداق ثياب ، ووطاء ، وجوهر ، وخادم ، وبين إصداق حرير ، وقطن ، وكتان ، وصوف ، ودابة ، وماشية ، وعبد ، وطعام ، والفرق بين قضاء ثلاثة دنانير من دينها فأقل ، وبين قضائها أكثر من ذلك - فوضح عظيم فساد تخليط هذه الأقوال - وبالله تعالى التوفيق .
وربما يموهون بما نذكره مما رويناه من طريق
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
جلال بن أبي الجلال العتكي عن أبيه أن رجلا خطب إلى رجل ابنته من امرأة عربية فأنكحها إياه فبعث إليه بابنة له أخرى أمها أعجمية ، فلما دخل بها علم بعد ذلك فأتى
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فقص عليه ؟ فقال : معضلة ولا أبا حسن - وكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي حربا
nindex.php?page=showalam&ids=33لمعاوية - فقال الرجل
nindex.php?page=showalam&ids=33لمعاوية فأذن لي أن آتيه ؟ فأذن له
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، فأتى الرجل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فقال : السلام عليك يا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فرد عليه السلام ، فقص عليه القصة ؟ فقضى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي على أبي الجارية بأن يجهز ابنته التي أنكحها إياه بمثل الصداق الذي ساق منها لأختها بما أصاب من فرجها ، وأمره أن لا يمس امرأته حتى تنقضي عدة أختها .
قال
الحجاج بن المنهال : وأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم قال : أخبرني
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أن رجلا تزوج جارية فأدخل عليه غيرها ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم : للتي دخل بها الصداق الذي ساق ، وعلى الذي غره أن يزف إليه امرأته بمثل صداقها .
[ ص: 112 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا كله عليهم لا لهم ، لأنه ليس في شيء من هذين الخبرين أن للزوج في ذلك حقا ولا أربا ، إنما فيهما أن يضمن للتي زوجت منه وزف إليه غيرها صداقها الذي استهلك لها وأعطي لغيرها بغير حق - وهكذا نقول .
ثم هم يخالفون هذه الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في موضعين - : أحدهما - أنه جعل للتي زفت إليه الصداق الذي سمي لأختها ، وهم لا يقولون بهذا ، بل إنما يقضون لها بصداق مثلها .
والموضوع الثاني - أمر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي له أن لا يطأ التي صح نكاحه معها إلا حتى تنقضي عدة الأخرى التي زفت إليه ، وهم لا يقولون بهذا .
فمن المقت والعار والإثم تمويه من يوهم أنه يحتج بأثر هو أول من يخالفه - ونعوذ بالله من الخذلان - هذا مع أن
الجلال بن أبي الجلال غير مشهور .
وبما أخبرناه
أحمد بن قاسم نا
أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802جدي قاسم بن أصبغ نا
أحمد بن زهير نا
الحسن بن حماد نا
يحيى بن يعلى عن
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فذكر خطبة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة رضي الله عنهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51275وأن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا باع درعه بأربعمائة وثمانين قال : فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعتها في حجره فقبض منها قبضة فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال أبغنا بها طيبا ، وأمرهم أن يجهزوها } قال : فجعل لنا سرير مشروط بالشرط ووسادة من أدم حشوها ليف وملء البيت كثيبا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا حجة عليهم ، لأنه لا تبلغ قبضة في طيب ، وسرير مشروط بالشريط ، ووسادة من أدم حشوها ليف : عشر أربعمائة درهم وثمانين درهما - فظهر فساد قولهم - والحمد لله رب العالمين