صفحة جزء
486 - مسألة :

ومن العذر للرجال في التخلف عن الجماعة في المسجد - : المرض ، والخوف ، والمطر ، والبرد ، وخوف ضياع المال ، وحضور الأكل ، وخوف ضياع المريض ، أو الميت ، وتطويل الإمام حتى يضر بمن خلفه ، وأكل الثوم ، أو البصل ، أو الكراث ما دامت الرائحة باقية ، ويمنع آكلوها من حضور المسجد ، ويؤمر بإخراجهم منه ولا بد ، ولا يجوز أن يمنع من المساجد أحد غير هؤلاء ، لا مجذوم ، ولا أبخر ، ولا ذو عاهة ، ولا امرأة بصغير معها فأما المرض والخوف فلا خلاف في ذلك ، لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .

وقوله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وقال تعالى : { إلا من أكره } . وكذلك إضاعة المال ، ونهى عليه السلام عن إضاعة المال ؟ - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن عباد ثنا حاتم هو ابن إسماعيل - عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة عن ابن أبي عتيق أنه شهد عائشة أم المؤمنين قالت : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان } .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن منصور أنا يحيى هو ابن سعيد القطان - عن ابن جريج ثنا عطاء عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أكل من هذه الشجرة ، قال أول يوم : الثوم ، ثم قال : الثوم والبصل والكراث فلا يقربنا في مساجدنا ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس } .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن المثنى ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا هشام هو الدستوائي - ثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة : أن عمر بن الخطاب قال : " { إنكم أيها الناس تأكلون [ ص: 119 ] من شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين : هذا البصل ، والثوم ، لقد رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل أمر به فأخرج إلى البقيع } - : ولا يخرج غير هؤلاء ، لأن الله تعالى : لو أراد منع أحد غيرهم من المساجد لبين ذلك { وما كان ربك نسيا } فإن ذكر ذاكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا عدوى ولا طيرة ، وفر من المجذوم فرارك من الأسد } ؟ فإن معناه كقول الله تعالى { اعملوا ما شئتم } أي فر من المجذوم فرارك من الأسد ، لا عدوى إنه لا يعديك ، ولا ينفعك فرارك مما قدر عليك ، ولو لم يكن معناه هذا لكان آخر الحديث ينقض أوله ، وهذا محال وأيضا : فلو كان على معنى الفرار لكان الأمر به عموما ، فوجوب أن تفر منه امرأته وولده وكل أحد حتى يموت جوعا وجهدا ، ولوجب أن تقفل الأزقة أمامه ، كما يفعل بالأسد وهذا باطل بيقين ، وما يشك أحد أنه قد كان في عصره عليه السلام مجذومون فما فر عنهم أحد .

فصح أن مراده عليه السلام ما ذكرناه - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا سعيد بن عفير حدثني الليث حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري { أن عتبان بن مالك - ممن شهد بدرا من الأنصار - أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قد أنكرت بصري ، وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي المسجد ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأفعل إن شاء الله } .

قال عتبان : فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث ؟ وبه إلى البخاري : ثنا مسدد ثنا يحيى هو ابن سعيد القطان - عن عبيد الله بن عمر [ ص: 120 ] حدثني نافع قال : أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان ثم قال : ألا صلوا في رحالكم ، فأخبرنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ، ثم يقول على إثره : ألا صلوا في الرحال } ؟ حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه هو أسامة بن عمير الهذلي - أنه قال له { رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ، ومطرنا مطرا فلم تبل السماء أسفل نعالنا ، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : أن صلوا في رحالكم } .

وبه إلى عبد الرزاق : ثنا ابن جريج عن نافع عن ابن عمر عن نعيم بن النحام قال { أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فيها برد ، وأنا تحت اللحاف فتمنيت أن يلقي الله على لسانه ولا حرج ، فلما فرغ قال : ولا حرج } .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا إسماعيل هو ابن علية - ثنا عبد الحميد صاحب الزيادي ثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين : أن ابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت " أشهد أن محمدا رسول الله " فلا تقل " حي على الصلاة " قل " صلوا في بيوتكم " وقال ابن عباس : قد فعل هذا من هو خير مني ، إن الجمعة عزمة ، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين والمطر .

حدثنا يوسف بن عبد الله النمري ثنا عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي القاضي [ ص: 121 ] ثنا إسحاق بن أحمد ثنا العقيلي ثنا موسى بن إسحاق هو الأنصاري ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى هو ابن سعيد القطان - عن سعيد هو ابن أبي عروبة - عن قتادة عن كثير مولى ابن سمرة قال : مررت بعبد الرحمن بن سمرة وهو على بابه جالس ، فقال : ما خطب أميركم ؟ قلت : أما جمعت معنا ؟ قال : منعنا هذا الردغ . قال علي : فهذا ابن عمر وابن عباس وعبد الرحمن بن سمرة بحضرة الصحابة يتركون الجمعة وغيرها للطين ، ويأمرون المؤذن أن يقول : { ألا صلوا في الرحال } ولا نعرف لهم مخالفا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ؟ وأما التطويل فقد ذكرنا حديث معاذ والذي خرج عن إمامته فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على الخارج وحدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى ثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود الأنصاري قال { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان ، مما يطيل بنا ، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب ، فقال يومئذ : يا أيها الناس ، إن منكم منفرين ، فأيكم أم الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير ، والضعيف ، وذا الحاجة } .

فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخره عن صلاة الفريضة من أجل إطالة الإمام ؟ وأما المجذوم ، والأبخر ، وآكل الفجل وغيرهم - : فلو جاز منعهم المسجد لما أغفل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم { وما كان ربك نسيا }

التالي السابق


الخدمات العلمية