[ ص: 395 ] وأما
احتجاج من أوجب الصوم في السفر لمن أهل عليه الشهر في الحضر بقول الله تعالى : {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، فلا حجة لهم في هذه الآية ; لأن الله تعالى لم يقل : فمن شهد بعض الشهر فليصمه ; وإنما أوجب تعالى صيامه على من شهد الشهر لا على من شهد بعضه ، ثم يبطل قولهم أيضا قول الله تعالى : {
ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } فجعل السفر والمرض . ناقلين عن الصوم فيه إلى الفطر . وأيضا : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه سافر في رمضان عام الفتح فأفطر وهو أعلم بمراد ربه تعالى ، والبلاغ منه نأخذه ، وعنه لا من غيره .
فلما بطل كل ما احتجوا به ، وجب أن نأتي بالبرهان على صحة قولنا ، بحول الله تعالى وقوته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : نذكر الآن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ;
وحمزة بن عمرو من الوجوه الصحاح - إن شاء الله تعالى - ونرى أنها لا حجة لهم فيها ; ثم نعقب بالبرهان على صحة قولنا إن شاء الله ، وبه نتأيد . روينا من طريق
أبي داود نا
مؤمل بن الفضل نا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد هو ابن مسلم - نا
سعيد بن عبد العزيز حدثني
إسماعيل بن عبيد الله حدثتني
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49428خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته في حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه أو كفه على رأسه من شدة الحر ما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة } . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13999الجريري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله {
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأتى على غدير فقال للقوم : اشربوا ؟ فقالوا : يا رسول الله أنشرب ولا تشرب ؟ فقال : إني أيسركم إني راكب وأنتم مشاة فشرب وشربوا } .
[ ص: 396 ] ومن طريق
حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13999الجريري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال {
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمر بماء فقال : انزلوا فاشربوا ; فتلكأ القوم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب وشربنا معه } . وقد روينا هذا الخبر من طريق لا يحتج بها كما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17109معاوية بن صالح عن
ربيعة بن يزيد حدثني {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49431قزعة أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد عن الصوم في السفر فقال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة ، فمنا من صام ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلا آخر فقال : إنكم تصبحون عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا فكانت عزمة فأفطرنا ، ثم قال لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر . } ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق - : عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49432خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فصام حتى مر بغدير في الطريق وذلك في نحر الظهيرة فعطش الناس فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس } . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - : نا
عبد الله بن يوسف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49433أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أأصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - : نا
أبو الربيع الزهراني ويحيى بن يحيى قال
أبو الربيع نا
حماد هو ابن زيد - وقال
يحيى نا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية ثم اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية وحماد كلاهما عن
[ ص: 397 ] nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49434أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر ؟ قال : صم إن شئت } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : كل هذا لا حجة لهم فيه ; أما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء - : فليس فيه أن ذلك كان في رمضان أصلا ، وإقحام ما ليس في الخبر كذب ; وقد يمكن أن يكون تطوعا فلا ننكره فلا متعلق لهم ولا لنا فيه . وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد فطريق
nindex.php?page=showalam&ids=17109معاوية بن صالح لا يحتج بها ; ثم هبك أنها صحيحة فهو حجة لنا عليهم ; لأن فيه : أن آخر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الفطر ، هذا إن صح أنه كان في رمضان . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة المذكور ; وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بيان أنه كان في رمضان ، وفيهما على
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : أمر عظيم ، لأنهم لا يجيزون لمن صام وهو مسافر في رمضان أن يفطر في ذلك اليوم الذي ابتدأ صيامه ، واتفقوا على أنه مخطئ وما يبعد عنهم إطلاق اسم المعصية عليه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك يرى عليه الكفارة ; فلينظر ناصر أقوالهم فبماذا يدخل في احتجاجه بهذين الخبرين من إطلاق اسم الخطأ والمعصية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيجاب الكفارة عليه في إفطاره ، وهذا خروج عن الإسلام ممن أقدم عليه . وأما نحن فنقول : لو صح أنه عليه السلام كان صائما ينويه من رمضان لكان ذلك منسوخا بآخر أمره ، وآخر فعله ، وإذ لم يأت ذلك في شيء من الأخبار فيمكن أن يكون صام تطوعا ، والفطر للصائم تطوعا مباح مطلق لا كراهة فيه كما فعل عليه السلام . والعجب كل العجب ممن يقول في الخبر الثابت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49435أن امرأة كانت تستعير الحلي وتجحده فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها } : لعله إنما قطع يدها لغير ذلك .
[ ص: 398 ] ويقول في الخبر الثابت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49436أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره بإعادة الصلاة } : لعله إنما أمره بالإعادة لغير ذلك . ويقول في الخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49437أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي ركعتي الفجر والصلاة تقام فقال له : بأي صلاتيك تعتد } : لعله إنما أنكر عليه أنه صلاهما بين الناس مكابرة للباطل : وفي الخبر منصوص أنه كان يصليهما ناحية . ثم لا يقول هاهنا : لعله كان يصوم تطوعا ; وهاهنا يجب أن يقال هذا ; لأنه ليس في الأخبار دليل على غير ذلك ; وأما تلك الأخبار فليس منها شيء يحتمل ما تأولوه لأن نصها يمنع من ذلك . والعجب ممن يحتج {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49438بقول nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك في السفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } في إجازة ما ليس في الخبر منه أثر ولا عثر من إجازة الصوم لرمضان في السفر ; وليس في الخبر أنه عليه السلام علم بذلك فأقره . وهم لا يرون {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49305قول nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء : ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه } حجة ، ولا يرون قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49439إن طلاق الثلاث كانت تجعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة } حجة . وهذا عجب عجيب وإنما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد إباحة الصوم في السفر ونحن لا ننكره تطوعا أو فرضا غير رمضان ; ومما يبين هذا أنه لا يعلم أنه عليه السلام سافر في رمضان بعد عام الفتح . وأما خبر
حمزة فبيان جلي في أنه إنما سأله عليه السلام عن التطوع لقوله في الخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49440إني امرؤ أسرد الصوم أفأصوم في السفر } ؟ وكان كثير الصيام فبطل كل ما تأولوه ، وبطل أن يكون لهم في شيء من هذه الأخبار حجة - وبالله تعالى التوفيق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإذ لم يبق لهم حجة لا من قرآن ولا من سنة فلنذكر الآن البراهين على صحة قولنا بحول الله تعالى وقوته - :
[ ص: 399 ] قال الله تعالى : {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وهذه آية محكمة بإجماع من أهل الإسلام لا منسوخة ولا مخصوصة . فصح أن الله تعالى لم يفرض صوم الشهر إلا على من شهده ، ولا فرض على المريض ، والمسافر إلا أياما أخر غير رمضان ، وهذا نص جلي لا حيلة فيه ; ولا يجوز لمن قال : إنما معنى ذلك إن أفطرا فيه ; لأنها دعوى موضوعة بلا برهان .
قال الله تعالى : {
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } - : نا
عبد الله بن يوسف نا
أحمد بن فتح نا
عبد الوهاب بن عيسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي نا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي نا
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18306خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ؟ فقال : أولئك العصاة أولئك العصاة } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إن كان صيامه عليه السلام لرمضان فقد نسخه بقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8857أولئك العصاة } وصار الفطر فرضا والصوم معصية ، ولا سبيل إلى خبر ناسخ لهذا أبدا ، وإن كان صيامه عليه السلام تطوعا فهذا أحرى للمنع من صيام رمضان لرمضان في السفر ، ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
آدم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر ثم اتفق
آدم ومحمد وكلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري عن
محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49441كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد ظلل عليه فسأل عنه فقيل : صائم ، [ ص: 400 ] فقال : ليس من البر الصوم في السفر } هذا لفظ
آدم ، ولفظ
غندر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33975ليس من البر أن تصوموا في السفر } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا مكشوف واضح . فإن قيل : إنما منع عليه السلام في مثل حال ذلك الرجل ؟ قلنا : هذا باطل لا يجوز لأن تلك الحال محرم البلوغ إليها باختيار المرء للصوم في الحضر كما هو في السفر فتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالمنع من الصيام في السفر إبطال لهذه الدعوى المفتراة عليه صلى الله عليه وسلم وواجب أخذ كلامه عليه السلام على عمومه . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
الزهري عن
صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء عن
كعب بن عاصم الأشعري قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33800ليس من البر الصيام في السفر } .
صفوان ثقة مشهور مكي كان متزوجا
بالدرداء بنت أبي الدرداء .
وكعب بن عاصم مشهور الصحبة هاجر مع
أبي موسى وهو من
الأشاقر حي من
الأزد . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16106شعيب بن إسحاق عن
الأوزاعي حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى هو ابن أبي كثير حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة الجرمي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49442أن أبا أمية عمرو بن أمية الضمري أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وقد دعاه إلى الغداء : أخبرك عن المسافر ؟ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة . }
ومن طريق
أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16062سهل بن بكار نا
أبو عوانة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49443عن هانئ بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ودعاه إلى الغداء : أتدري ما وضع الله عن المسافر ؟ قلت : ما وضع الله عن المسافر ؟ قال : الصوم ، وشطر الصلاة } . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49444أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل في ظل يرش عليه الماء فسأل عنه فأخبر أنه صائم فقال : ليس من البر أن تصوموا في السفر وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها }
[ ص: 401 ] فهذا أمر بقبولها وأمره عليه الصلاة والسلام فرض فهي رخصة مفترضة ; وصح بهذه الأخبار أن الله تعالى أسقط عن المسافر الصوم ونصف الصلاة وهذه آثار متواترة متظاهرة لم يأت شيء يعارضها فلا يجوز الخروج عنها . فإن قيل : فإن هذه الأخبار مانعة كلها بعمومها من كل صوم في السفر وأنتم تبيحون فيه كل صوم إلا رمضان وحده ؟ قلنا : نعم ، لأن النصوص جاءت بمثل ما قلنا ; لأن الله تعالى قال : {
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم } فافترض تعالى صوم الثلاثة الأيام في السفر ولا بد . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحض على صوم
عرفة ما سنذكره إن شاء الله تعالى وهو في السفر لمن كان حاجا . وقال عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49445إن أفضل الصيام صيام داود يصوم يوما ويفطر يوما } فعم عليه الصلاة والسلام ولم يخص . وقال عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49446من صام يوما في سبيل الله باعد الله النار عن وجهه } فحض على الصوم في السفر . فوجب الأخذ بجميع النصوص فخرج صوم رمضان في السفر بالمنع وحده وبقي سائر الصوم واجبه وتطوعه على جوازه في السفر ولا يجوز ترك نص لآخر . وقال بعض أهل الجهل والجرأة على القول بالباطل في الدين : معنى قوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33800ليس من البر الصيام في السفر } مثل قوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49447ليس المسكين بهذا الطواف } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا تحريف للكلم عن مواضعه ، وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقويل له ما لم يقل ، وفاعل هذا يتبوأ مقعده من النار بنص قوله عليه السلام ، وليس إذا وجد نص قد جاء نص آخر أو إجماع بإخراجه عن ظاهره وجب أن تبطل جميع النصوص وتخرج عن ظواهرها فيحصل من فعل هذا على مذهب
القرامطة في إحالة القرآن عن مفهومه وظاهره ، ومن بلغ إلى هاهنا فقد كفى خصمه مؤنته .
[ ص: 402 ] ويقال له : إذا قلت هذا في قوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33800ليس من البر الصيام في السفر } فقله أيضا في قوله تعالى : {
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } ولا فرق ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ومن سلك هذا السبيل فقد أبطل الدين والعقل والتفاهم جملة . فإن قيل : فكيف تقولون في صومه عليه الصلاة والسلام مع قول الله تعالى : {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } . قلنا : هذا في غاية البيان لا تخلو هذه الآية من أن يكون نزولها تأخر إلى وقت فتح
مكة أو بعده ، وتقدم فرض رمضان بوحي آخر كما كان نزول آية الوضوء في المائدة متأخرا عن نزول فرضه ; فإن كان تأخر نزولها فسؤالكم ساقط ولله الحمد رب العالمين . وإن كان تقدم نزولها فلا يخلو عليه الصلاة والسلام في صومه ذلك من أن يكون صامه لرمضان أو تطوعا ، فإن كان صامه تطوعا فسؤالكم ساقط ولله الحمد . وإن كان صامه عليه الصلاة والسلام لرمضان فلا ننكر أن يكون عليه الصلاة والسلام نسخ بفعله حكم الآية ثم نسخ ذلك الفعل وعاد حكم الآية ، فهذا كله حسن فكيف ولا دليل أصلا على تقدم نزول الآية قبل غزوة الفتح ؟ وما نزل بعضها إلا بعد إسلام
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم بعد الفتح بمدة وبالله تعالى التوفيق . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولم يبق علينا إلا أن نذكر من قال : بمثل قولنا لئلا يدعوا علينا خلاف الإجماع ; فالدعوى لذلك منهم سهلة ، وهم أكثر الناس خلافا للإجماع على ما قد بينا في كتابنا هذا وفي غيره . روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
كلثوم بن جبر عن رجل من
بني قيس أنه صام في السفر فأمره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن يعيد . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
عاصم بن عبيد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=4891عبد الله بن عامر بن ربيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه أمر رجلا أن يعيد صيامه في السفر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إن من احتج في رد السنن الثابتة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49448كل [ ص: 403 ] بيعين فلا بيع بينهما حتى يتفرقا } برواية شيخ من
بني كنانة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال : البيع على صفقة أو تخاير ; ثم رد هذه الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ومعه القرآن والسنن : لأعجوبة وأخلوقة ؟ ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب عن
أبي عوانة عن
عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال : نهتني
عائشة أم المؤمنين عن أن أصوم رمضان في السفر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : ليس من البر الصيام في السفر .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
أبي حمزة نصر بن عمران الضبعي - قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن الصوم في السفر ؟ فقال : يسر وعسر خذ بيسر الله تعالى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إخباره بأن صوم رمضان في السفر عسر : إيجاب منه لفطره .