صفحة جزء
- 95 مسألة : ولا يحل لأحد أن يقول في آية أو في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت : هذا منسوخ وهذا مخصوص في بعض ما يقتضيه ظاهر لفظه ، ولا أن لهذا النص تأويلا غير مقتض ظاهر لفظه ، ولا أن هذا الحكم غير واجب علينا من حين وروده إلا بنص آخر وارد بأن هذا النص كما ذكر ، أو بإجماع متيقن بأنه كما ذكر ، أو بضرورة حس موجبة أنه كما ذكر وإلا فهو كاذب . [ ص: 75 ] برهان ذلك قول الله عز وجل : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } وقال تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } وقال تعالى : { بلسان عربي مبين } وقال تعالى : { وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه } وقال تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } فقوله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع } موجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به ، وقوله تعالى : { أطيعوا الله } موجب طاعة القرآن ، ومن ادعى في آية أو خبر نسخا فقد أسقط وجوب طاعتهما ، فهو مخالف لأمر الله في ذلك . قوله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } موجب أخذ كل نص في القرآن والأخبار على ظاهره ومقتضاه . ومن حمله على غير مقتضاه في اللغة العربية فقد خالف قول الله تعالى وحكمه ، وقال عليه عز وجل الباطل وخلاف قوله عز وجل ، ومن ادعى أن المراد بالنص بعض ما يقتضيه في اللغة العربية لا كل ما يقتضيه فقد أسقط بيان النص وأسقط وجوب الطاعة له بدعواه الكاذبة . وهذا قول على الله تعالى بالباطل ، وليس بعض ما يقتضيه النص بأولى بالاقتصار عليه من سائر ما يقتضيه . قوله تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } موجب للوعيد على من قال : لا تجب علي موافقة أمره ، وموجب أن جميع النصوص على الوجوب ، ومن ادعى تأخير الوجوب مدة ما فقد أسقط وجوب طاعة الله ووجوب ما أوجب عز وجل من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في تلك المدة . وهذا خلاف لأمر الله عز وجل . فإذا شهد لدعوى من ادعى بعض ما ذكرنا قرآن أو سنة ثابتة ، إما بإجماع أو نقل صحيح ، فقد صح قوله ووجب طاعة الله تعالى في ذلك . وكذلك من شهدت له ضرورة الحس ; لأنها فعل الله تعالى في النفوس ، وإلا فهي أقوال مؤدية إلى إبطال الإسلام وإبطال جميع العلوم وإبطال جميع اللغات كلها ، وكفى بهذا فسادا . وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية