( قال )
والقارن يبعث بهديين لأنه محرم بإحرامين ، وتحلله عن كل واحد منها يحصل قبل أداء الأعمال فلهذا يبعث بهديين ، وإذا تحلل بهما فعليه عمرتان ، وحجة يقضيهما بقران أو إفراد لما بينا أن إحدى العمرتين تلزمه للتحلل عن العمرة بعد الشروع فيها ، والأخرى للتحلل عن إحرام الحج ، وقد بينا في المفرد بالحج أن عليه عمرة وحجة إذا تحلل بالهدي .
( قال ) وإن
بعث القارن بهدي واحد ليتحلل به من أحد الإحرامين لا يصح ذلك ، ولا يتحلل به لأن أوان التحلل من الإحرامين في حق القارن واحد كما قال صلى الله عليه وسلم {
فلا أحل منهما } ، وبالهدي الواحد لا يتحلل منهما فلا يكون له أن يتحلل أصلا .
( قال )
وإذا بعث بهديين فلا يحتاج إلى أن يعين الذي للعمرة منهما والذي للحج لأن هذا التعيين غير مفيد فلا يعتبر أصلا ثم المذهب عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن
دم الإحصار لا يختص بيوم النحر حتى لو واعد المبعوث على يده بأن يذبح عنه في أول أيام العشر جاز ، وعند
أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى يختص بيوم فالإهداء دم يتحلل به من إحرام الحج فيختص بيوم النحر كهدي
[ ص: 110 ] المتعة والقران
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله تعالى نص في هدي الإحصار على مكان بقوله {
حتى يبلغ الهدي محله } فالتقييد بالزمان يكون زيادة عليه فلا يثبت بالرأي ثم هذا بمنزلة دماء الكفارات فإنه يجب للإحلال قبل أوانه ، ولهذا لا يباح التناول منه ، ودماء الكفارات تختص
بالحرم ولا تختص بيوم النحر بخلاف دم المتعة والقران فإنه نسك يباح التناول منه بمنزلة الأضحية .
إذا عرفنا هذا فنقول إذا
بعث بالهدي ثم زال الإحصار فالمسألة على ثلاثة أوجه إن كان يقدر على إدراك الحج والهدي جميعا فعليه أن يتوجه لأداء الحج ، وليس له أن يتحلل بالهدي لأن ذلك كان للعجز عن أداء الحج فكان في حكم البدل ، وقد قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل فسقط اعتبار البدل ، ويلزمه أن يتوجه فإذا أدرك هديه صنع به ما شاء لأنه ملكه ، وقد كان عينه لمقصود ، وقد استغنى عنه ، وإن كان لا يقدر على إدراك الحج والهدي جميعا لا يلزمه التوجه لأن العجز عن أداء الأعمال لم ينعدم بزوال الإحصار فكان له أن يتحلل بالهدي ، وإن توجه ليتحلل بأعمال العمرة فله ذلك لأنه فائت الحج ، وفائت الحج يتحلل بأعمال العمرة ، وله في هذا التوجه غرض ، وهو أن لا يلزمه قضاء العمرة ، وأما إذا قدر على إدراك الحج ، ولم يقدر على إدراك الهدي ، وإنما يتصور هذا عند أبي حنفية رحمه الله تعالى لا
عندهما لأن عندهما هذا الهدي يختص بيوم النحر فلا يتصور إدراك الحج دون الهدي ثم في القياس على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى يلزمه أن يتوجه ، وليس له أن يتحلل بالهدي ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله تعالى لأن العجز عن أداء الأعمال قد ارتفع بزوال الإحصار ، وقد بينا أن حكم البدل يسقط اعتباره إذا قدر على الأصل فيلزمه أن يتوجه ، ولكنه استحسن فقال له أن يتحلل بالهدي لأنه لو توجه ضاع ماله فإن الهدي ملكه جعله لمقصود ، وهو التحلل فإن كان لا يدركه ، ولا يتحلل به يضيع ماله ، وحرمة المال كحرمة النفس فكما كان الخوف على نفسه عذرا له في التحلل فكذلك الخوف على ماله ، والأفضل له أن يتوجه لأنه أقرب إلى الوفاء بما وعد ، وهو أداء ما شرع فيه