وإذا
حلف لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه في المسجد ، أو في الكعبة لم يحنث ; لأنه مصلى ، والبيت اسم للموضع المعد للبيتوتة فيه . ( فإن قيل ) : أليس أن الله تعالى سمى
الكعبة بيتا بقوله {
: إن أول بيت وضع للناس } ، وسمى المساجد بيوتا في قوله {
: في بيوت أذن الله } ؟ ( قلنا ) : قد بينا أن
[ ص: 170 ] الأيمان لا تنبني على لفظ القرآن ، وقد سمي بيت العنكبوت بيتا ، فقال {
: وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } . ثم هذا لا يدل على أن مطلق اسم البيت في اليمين يتناوله . ( قال ) : وكل شيء من المساكن يقع عليه اسم بيت حنث فيه ، وإن دخل ، ومراده ما يطلق عليه الاسم عادة في الاستعمال ، وإن دخل بيتا هو فيه ، ولم ينو الدخول عليه لم يحنث ; لأن شرط حنثه الدخول عليه ، وذلك بأن يقصد زيارته ، أو الاستخفاف به بأن يقصد ضربه ، وهذا لم يوجد إذا لم ينو الدخول عليه ، أو لم يعلم أنه فيه ، ألا ترى أن السقاء يدخل دار الأمير في كل يوم ، ولا يقال : دخل على الأمير ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى أنه يحنث ، وإن لم يعلم كونه فيه ، ولم ينو الدخول عليه بأن دخل على قوم هو فيهم ، والحالف لا يعلم بمكانه ; لأن حقيقة الدخول عليه قد وجد ، ولا يسقط حكمه باعتبار جهله ، وإذا
حلف لا يدخل على فلان ، ولم يسم بيتا ، ولم ينوه فدخل دارا هو فيها لم يحنث ، ألا ترى أنه لو كان في بيت منها لا يراه الداخل ، فإنه لا يكون داخلا عليه ، أرأيت أنه لو كانت الدار عظيمة فيها منازل ، فدخل منزلا منها ، وفلان في منزل آخر كان يحنث ، إنما يقع اليمين في هذا إذا دخل عليه بيتا أو صفة ; لأنه حينئذ يكون داخلا عليه حقيقة ، إلا أن يكون حلف أن لا يدخل عليه دارا ، فحينئذ يحنث إذا دخل داره ; لأن اعتبار العرف عند عدم التصريح بخلافه ، وكذلك إن نوى دارا ; لأنه يشدد الأمر على نفسه بهذه النية .