وكذلك يشكل بما إذا كان
رأس مال أحدهما حنطة ، ورأس مال الآخر شعيرا . فالشركة لا تصح هنا بينهما - خلطاه أو لم يخلطاه - ورأس مال كل واحد منهما من ذوات الأمثال يمكن تحصيله عند قسمة الربح . ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله يفرق ويقول : عقد الشركة إنما يثبت ، بعد الخلط ، باعتبار المخلوط . فعند اختلاف الجنس المخلوط ليس من ذوات الأمثال . ألا ترى أن من أتلف هذا المخلوط كان عليه قيمته ، وإن لم يكن من ذوات الأمثال كان بمنزلة العروض ، وأما إذا كان الجنس واحدا فالمخلوط من ذوات الأمثال ، حتى أن من أتلفه يضمن مثله . فيمكن تحصيل رأس مال كل واحد منهما وقت القسمة باعتبار المثل . ( ثم )
عند اختلاف الجنس إذا باعا المخلوط ; فالثمن بينهما على قدر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه مخلوطا ; لأن الثمن بدل المبيع ، فيقسم على قيمة ملك كل واحد منهما ، وملك كل واحد منهما كان معلوم القيمة وقت الخلط ; فتعتبر تلك القيمة ، ولكن مخلوطا ; لأنه دخل في البيع بهذه الصفة ، واستحقاق الثمن بالبيع ; فتعتبر صفة ملك كل واحد منهما حين دخل في البيع . فإن كان أحدهما يزيده الخلط خيرا ; فإنه يضرب بقيمته يوم يقتسمون غير مخلوط . ومعنى هذا أن قيمة الشعير تزداد إذا خلطاه بالحنطة ، وقيمة الحنطة تنتقص ، فصاحب الشعير يضرب بقيمة شعيره غير مخلوط ; لأن تلك الزيادة ظهرت في ملكه من مال صاحبه ، فلا يستحق الضرب به معه . وصاحب الحنطة يضرب بقيمة حنطته مخلوطة بالشعير ; لأن النقصان حصل بعمل هو راض به - وهو الخلط - وقيمة ملكه عند البيع ناقص ، فلا يضرب إلا بذلك القدر . وقد طعن
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى في الفصلين
[ ص: 163 ] جميعا فقال : قوله في الفصل الأول أنه يعتبر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه ، وفي الفصل الثاني يوم يقتسمون ، غلط ; بل الصحيح أنه يقسم الثمن على قيمة متاع كل واحد منهما يوم وقع البيع ; لأن استحقاق الثمن بالبيع ، وإنما يقسم الثمن على القيمة وقت البيع .
ألا ترى أنهما لو لم يخلطا ، ولكن باعا الكل جملة فقسمة الثمن تكون على القيمة وقت البيع ، فكذلك بعد الخلط ، إلا أن يكون تأويل المسألة أن تكون قيمته وقت الخلط والقسمة والبيع سواء . ( قال ) الشيخ الإمام الأجل رحمه الله تعالى : "
وعندي " أن ما ذكره صحيح ; لأن معرفة قيمة الشيء بالرجوع إلى قيمة مثله مما يباع في الأسواق ، وليس للمخلوط مثل يباع في الأسواق ; حتى يمكن اعتبار قيمة ملك كل واحد منهما وقت البيع . فإذا تعذر هذا ، وجب المصير إلى التقويم في وقت يمكن معرفة قيمة كل واحد منهما ، كما في جارية مشتركة بين اثنين أعتق أحدهما ما في بطنها ; فهو ضامن لنصيب شريكه معتبرا بوقت الولادة ; لتعذر إمكان معرفة القيمة وقت العتق لكونه مختبئا في البطن ، فيصار إلى تقويمه في أول الحال الذي يمكن معرفة القيمة فيه - وهو بعد الولادة - فكذلك هنا يصار إلى معرفة قيمة ملك كل واحد منهما في أول أوقات الإمكان - وهو عند الخلط - إلا أنه إذا علم أن الخلط يزيد في مال أحدهما وينقص من مال الآخر ، فقد تعذر قسمة الثمن على قيمة ملكهما وقت الخلط ; لتيقننا بزيادة ملك أحدهما ، ونقصان ملك الآخر ، فتعتبر القيمة وقت القسمة باعتبار أن عند الخلط ملك كل واحد منهما من ذوات الأمثال ، فيجعل حق كل واحد منهما بعد الخلط كالباقي في المثل إلى وقت القسمة ، فيقسم الثمن على ما هو حق كل واحد منهما ، بخلاف ما إذا لم يخلطه ; لأن تقويم ملك كل واحد منهما وقت البيع .