وإن
غصبه ألف درهم ، ثم اشتراها منه بمائة دينار ، ونقده الدنانير ، والدراهم قائمة في منزل الغاصب ، أو مستهلكة ، فهو سواء ، وهو جائز ، أما بعد الاستهلاك فلأنه قابض لبدل الدنانير
[ ص: 53 ] بذمته ، وفي حال قيام العين هو قابض لها بيده ; لأنها مضمونة في يده بنفسها ، وهذا القبض ينوب عن قبض الشراء ، وكذلك لو
كان الذي غصبه إناء فضة ، وكذلك لو
صالحه عنه على مثل وزنه من جنسه ، وأعطاه جاز ، وكذلك لو كان الإناء مستهلكا ; لأن ما أشرنا إليه من المعنى يعم المفصول ، فإن
صالحه من الفضة على ذهب بتأخير ، أو على فضة مثلها بتأخير كان جائزا عندنا ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر ، وقد بينا أنه فرق بين ، قضاء القاضي بالقيمة عليه ، وبين تراضيهما عليه بالصلح ، وهذا ; لأن المغصوب في حكم المستهلك إذا كان لا يتوصل إلى عينه ، فما يقع الصلح عليه يكون بدل المغصوب المستهلك ، وليس هذا كالشيء القائم بعينه يبيعه إياه ، يعني لو كان قائما بعينه قد أظهره فباعه منه ، كان هذا صرفا ، ولا يجوز إلا يدا بيد ; لأن حقه في استرداد العين إذا كان قائما بعينه فيبيعه منه ، بخلاف الجنس يكون معاوضة مبتدأة ، وإن كان الإناء غائبا عنه فقال : اشتريته منك بنسيئة فإني أكره ذلك إذا وقع عليه اسم البيع كرهت منه ما أكره من الصرف ; لأن البيع : مبادلة مال بمال قائم ، فلفظهما دليل على كون الإناء قائما ، فلا يختلف الجواب بكونه حاضرا ، أو غائبا ، والقياس في الصلح هكذا ، إلا أني أستحسن في الصلح إذا كان الإناء مغيبا عنه ; لأنه ليس في نفس الصلح ما يدل على قيامه ، وما لا يتوصل إلى عينه فهو مستهلك حكما أما إذا كان ظاهرا ، أو هو مقر به فإني أكره الصلح ، والبيع في ذلك إلا على ما يجوز في الصرف ، فإن ما يجري بينهما صرف بزعمهما فيؤاخذان بأحكام الصرف فيه ، والله أعلم .