وإذا
تبايع أهل الحرب بالربا في دار الحرب ، ثم خرجوا فأسلموا ، أو صاروا ذمة ، قبل أن يتقابضوا ، أو يقبض أحدهما ، ثم اختصموا في ذلك أبطلته ، لأن العصمة الثابتة بالإحراز كما تمنع ابتداء العقد ، تمنع القبض بحكم العقد ، وفوات القبض المستحق بالعقد مبطل للعقد ، ، والأصل فيه قوله تعالى {
: وذروا ما بقي من الربا } ، وسببه مروي عن
مكحول قال {
أسلم ثقيف بشرط أن لا يدعوا الربا ، وكان بنو عمرو بن عوف يأخذوا الربا من بني المغيرة ، وبنو المغيرة يربون ذلك ، فلما كان بعد الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد رضي الله عنه إلى مكة أميرا فطلب بنو عمرو بن عوف ما بقي لهم من الربا ، وأبى ذلك بنو المغيرة فاختصموا إلى عتاب رضي الله عنه ، فكتب فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله الآية ، وكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب رضي الله عنه ، وأمره أن يأمرهم بأن يدعوا لهم ما بقي من الربا أو يستعدوا للحرب ، } فعرفنا أن الإسلام يمنع القبض ، كما يمنع ابتداء العقد ، وكذلك لو
اختصموا بعد التقابض في دار الإسلام ، فإنهم يؤمرون برد ذلك ; لأن التقابض بعد العصمة بالإحراز كان باطلا شرعا ، وكذلك
المسلم يبايع الحربي بذلك في دار الحرب ، ثم أسلم الحربي ، وخرج إلى دارنا قبل التقابض فإن خاصمه في ذلك إلى القاضي أبطله ، وإن كانا تقابضا في دار الحرب ، ثم اختصما لم أنظر فيه ، ويستوي إن كان المسلم أخذ الدرهمين بالدرهم ، أو الدرهم بالدرهمين ; لأنه طيب نفس الكافر بما أعطاه ، قل ذلك ، أو كثر ، وأخذ ماله بطريق الإباحة كما قررنا ، والله أعلم .