وإذا
اشترى دارا ، والشفيع غائب فعلم بالشراء فله من الأجل بعد العلم على قدر المسير ومعنى هذا أنه كما علم بالبيع ينبغي له أن يطلب الشفعة ويشهد على الطلب ، والغيبة لا تمنع صحة الإشهاد على الطلب كما لا يمنع ثبوت حقه ، ثم بعد الإشهاد حاله كحال الحاضر فكما أن هناك عليه أن يتوجه إلى من في يده الدار من غير تأخير ; ليطلب عنده فهنا عليه أن يتوجه أو يبعث نائبا عنه من غير تأخير ، ولكن لبعد المسافة يحتاج إلى مهلة هنا ; فلهذا جعل له الأخذ بقدر المشترى وكما يتمكن من استيفاء حقه بنفسه يتمكن من ذلك بنائبه وربما لا يتمكن من أن يتوجه بنفسه لعذر له في ذلك ، فيكون له أن يبعث من يطلب ، فإذا مضى ذلك الأجل قبل أن يطلب ، أو يبعث من يطلب ، فلا شفعة له ، فإن
قدم فطلب فتغيب المشتري عنه ، أو خرج من البلد فأشهد على طلب الشفعة ، فهو على شفعته وإن طالت مدة ذلك ; لأنه أتى بما كان مستحقا عليه في طلب التقرير إذ ليس في وسعه أن يتبع المشتري فربما لا يظفر به ، أو يلحقه ضرر عظيم فيه ، فإذا ظهر المشتري ببلد ليس فيه الدار فليس على الشفيع أن يطلبه في غير البلد الذي فيه الدار ; لأنه لا فائدة في إتباعه ، فإنه لا يتمكن من الأخذ ، إلا في البلد الذي فيه الدار ، فإذا حضر هذا البلد ، فقد أتى بما كان يحق عليه ، ثم المشتري قصد أن يلحقه زيادة ضرر حين هرب منه فرد عليه قصده ويكون الشفيع على حقه إذا رجع المشتري وإذا اشترى من امرأة فأراد أن يشهد عليها فلم يجد من يعرفها ، إلا من لهم الشفعة ، فإن شهادتهم لا تجوز عليها إن أنكرت ذلك بعد أن
[ ص: 120 ] يطلبوا الشفعة ، وإن سلموا الشفعة جازت شهادتهم عليها ; لأن في إثبات البيع عليها إثبات حقهم ما لم يسلموا الشفعة وكانوا خصما في ذلك ، والخصم في الحادثة لا يكون شاهدا فيها .