صفحة جزء
وإن استأجر دابة بعينها إلى بغداد فبدا للمستأجر أن لا يخرج فهذا عذر ; لأن عليه ضررا في إيفاء العقد وهو تحمل مشقة السفر . وقال ابن عباس رضي الله عنهما لولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { السفر قطعة من العذاب } لقلت العذاب قطعة من السفر ، ولو قال رب الدابة أنه يتعلل فالسبيل للقاضي أن يقول له اصبر فإن خرج فقاد الدابة معه ; لأن المعقود عليه خطوات الدابة . فإذا قادها معه فقد تمكن من استيفاء المعقود عليه فيلزمه الأجر ، وإن لم يركب ، وكذلك لو أراد الخروج في طلب غريم له ، أو عبد آبق فرجع ، وكذلك لو مرض ، أو لزمه غرم ، أو خاف أمرا ، أو عثرت الدابة ، أو أصابها شيء لا يستطاع الركوب معه فبعض هذا عيب في المعقود عليه وبعضه عذر للمستأجر في التخلف عن الخروج ولا فائدة للمؤاجر في إيفاء العقد إذا لم يخرج المستأجر .

وإن عرض لصاحب الدابة مرض لا يستطيع الشخوص مع دابته لم يكن له أن ينقض الإجارة ; لأن بامتناعه من الخروج لا يتعذر تسليم المعقود عليه فيؤمر بتسليم الدابة ، وأنه يرسل معه رسولا يتبع الدابة .

وكذلك لو حبسه غريمه وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله قال إذا امتنع رب الدابة من الخروج فيكون هذا عذرا ، وإن مرض فهو عذر له ; لأنه يقول غيري لا يشفق على دابتي ولا يقوم بتعاهدها كقيامي . فإذا تعذر عليه الخروج لمرض يلحقه في إيفاء العقد ضرر لم يلتزمه بالعقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية