الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن انهدم منزل المؤاجر ولم يكن له منزل آخر فأراد أن يسكنه لم يكن له أن ينقض الإجارة ; لأنه لا ضرر عليه فوق ما التزمه بالعقد فإنه يتمكن من أن يكتري منزلا آخر أو يشتري ، وكذلك إن أراد التحول من المصر ; لأنه لا يخرج المنزل مع نفسه فلا يلحقه ضرر فوق ما التزمه بالعقد وهو ترك المنزل في يد المستأجر إلى هذه المدة ، وإن كان هذا بيتا في السوق يبيع فيه ويشتري فلحق المستأجر دين ، أو أفلس فقام من السوق فهذا عذر وله أن ينقض الإجارة ; لأنه استأجره للانتفاع وهو يتضرر بإيفاء العقد بعد ما ترك تلك التجارة ، أو أفلس ضررا لم يلزمه بنفس العقد ، وكذلك إذا أراد التحول من بلد إلى بلد ; لأنه لو لزمه الامتناع من السفر تضرر به ضررا لم يلتزمه بالعقد ، وبعد خروجه لا يتمكن من الانتفاع بالبيت فإن قال رب البيت إنه يتعلل ولا يريد الخروج حلف القاضي المستأجر على ذلك ; لأن الظاهر شاهد له فالظاهر أنه لا يترك ما كان عزم عليه من التجارة في الحانوت إلا إذا أراد [ ص: 4 ] التحول من بلد إلى بلد فالقول قوله مع يمينه .

وقيل بحكم القاضي حاله في ذلك فإن رآه قد استعد للسفر قبل قوله قال الله تعالى { ، ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } وقيل يقول له مع من يخرج فالإنسان لا يسافر إلا مع رفقة ، ثم يسأل رفقاءه عن ذلك ، وإن فسخ العقد وخرج الرجل ، ثم رجع وقال قد بدا لي في ذلك وخاصمه صاحب البيت فإن القاضي يحلف المستأجر بالله إنه كان في خروجه قاصدا للسفر ; لأن رب البيت يدعي بطلان الفسخ لعدم العذر ، وذلك ينبني ، وما في ضميره في ضمير المستأجر لا يعلمه غيره فكان القول قوله مع يمينه .

وكذلك إن أراد التحول من تلك التجارة إلى تجارة أخرى فهذا عذر ; لأن في إيفاء العقد ضررا لم يلتزمه بالعقد ، وقد تروج نوع التجارة في وقت وتبور في وقت آخر ، وإن لم يكن هذا ، ولكن وجد بيتا هو أرخص منه لم يكن عذرا ، وكذلك لو اشترى منزلا وأراد التحول إليه ; لأنه لا يلحقه ضرر إلا ما التزمه بالعقد وهو التزام الأجر عند استيفاء المنفعة ، وإنما يقصد بالفسخ هنا الربح لا دفع الضرر .

التالي السابق


الخدمات العلمية