قال ومن
ابتلي أن يقضي بين اثنين فلينصفهما في الكلام والنظر ولا ينبغي له أن يرفع صوته على أحدهما ما لا يرفع على الآخر ، وقد بينا فائدة هذا اللفظ ، وما يؤمر به القاضي من التسوية وعن
عامر أن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما اختصما في شيء فحكما
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت رضي الله عنه فأتياه في منزله قال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد رضي الله عنه هلا أرسلت إلي يا أمير المؤمنين قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في بيته يؤتى الحكم ، وفي هذا بيان أنه كان يقع بينهم منازعة وخصومة ولا يظن كل واحد منهم سوى الجميل ، وإنما كان يقع ذلك عند اشتباه حكم الحادثة عليهم ويتقدمون إلى القاضي لطلب البيان لا للقصد إلى التلبيس والإنكار ; ولهذا كان القاضي يدعى مفتيا ، وفيه دليل
جواز التحكيم فقد حكما
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت رضي الله عنه ، وإنما حكماه لفقهه فقد كان مقداما معروفا فيهم بذلك حتى روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما كان يختلف إليه وأخذ بركابه لما أراد أن يركب . وقال هكذا أمرنا أن نصنع بفقهائنا فقبل
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد رضي الله عنه يده . وقال هكذا أمرنا أن نصنع بأشرافنا .
وفيه دليل على أن
الإمام لا يكون قاضيا في حق نفسه nindex.php?page=showalam&ids=2فعمر رضي الله عنه في خصومة حكم
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت رضي الله عنه ، وفيه دليل على أن
من احتاج إلى العلم ينبغي له أن يأتي العالم في منزله ، وإن كان وجيها في الناس ولا يدعوه إلى نفسه فإن وجاهته بسبب الدين فيبقى ذلك له إذا عظم الدين ، والذهاب
[ ص: 74 ] إلى منزل العالم عند الحاجة إلى علمه من تعظيم الدين ولما استعظم ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد رضي الله عنه قال هلا أرسلت إلي يا أمير المؤمنين قال في بيته يؤتى الحكم وتأويل استعظام
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد رضي الله عنه أنه خاف فتنة على نفسه بسبب الوجاهة حين أتاه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في منزله وظن أنه أتاه زائرا ، وما أتاه محكما له راغبا في علمه ; فلهذا استعظم ذلك .
( ألا ترى ) أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بين له أنه أتاه للتحكيم فقال في بيته يؤتى الحكم فأتى
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنهما بوسادة وكان هذا منه امتثالا لما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=76109إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه } ، وقد بسط رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم رداءه حين أتاه
ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لم يستحسن ذلك منه في هذا الوقت فقال هذا أول جورك ، وفيه دليل وجوب
التسوية بين الخصمين في كل ما يتمكن القاضي منه ، وما كان ذلك يخفى على
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد رضي الله عنه ، ولكن وقع عنده أن الحكم في هذا ليس كالقاضي ، وإن الخليفة في هذا ليس كغيره فبين له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أن الحكم في حق الخصمين كالقاضي ( قال ) وكانت اليمين على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فقال
nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب رضي الله عنه لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لا ، ولكن أحلف فترك له
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله عنه ذلك وأهل الحديث يروون أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=47لزيد رضي الله عنه ، وهذا أيضا يبين أن على الحاكم أن يتحرز عن الميل إلى أحد الخصمين صريحا ودلالة ، وأن مجلس الشفاعة غير مجلس الحكومة ، ثم فيه دليل على أنه
لا بأس للمرء أن يحلف إذا كان صادقا فقد رغب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في ذلك مع صلابته في الدين ، وإن تحرز عن ذلك فهو واسع له أيضا كما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان امتنع عن ذلك . وقال أخشى أن يوافق قدر يميني فيقال أصبت بذلك ففيه دليل أن
اليمين حق المدعي قبل المدعى عليه يستوفي بطلبه ويترك إذا ترك .
( ألا ترى ) أن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبيا رضي الله عنه ترك له ذلك وبيان هذا فيما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81201قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدعي ألك بينة فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم ألك يمين } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال لا أحسد إلا في اثنين رجل أتاه الله مالا فهو ينفقه في طاعة الله ورجل أتاه الله علما فهو يعلمه ويقضي به رضي الله عنه ومعناه الحسد يضر إلا في الاثنين فيكون في ذلك بيان أن الحسد مذموم يضر الحاسد إلا فيما استثناه فهو محمود في ذلك ، وهذا ليس بحسد في الحقيقة بل هو غبطة والغبطة محمودة فمعنى الحسد هو أن يتمنى الحاسد أن تذهب نعمة المحسود عنه ويتكلف لذلك ومعنى الغبطة أن يتمنى لنفسه مثل ذلك من غير أن يتكلف ويتمنى ذهاب ذلك عنه .
وهذا في أمر الدنيا غير مذموم ففي أمر الدين
[ ص: 75 ] أولى أن يكون محمودا والذي ينفق ماله في طاعة الله تعالى يكتسب الآخرة بدنياه والذي يعلم ويقضي به بالحق يكتسب المحمدة في الدنيا والثواب في الآخرة فمن يتمنى لنفسه مثل ذلك يكون محمودا على هذا المعنى . فأما
الحسد المذموم فهو ما قيل الحاسد جاحد لقضاء الواحد فهو أن يتكلف لذهاب ذلك عنه ويعتقد أن تلك نعمة في غير موضعها وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81202لا ينجو أحدكم من الحسد والظن والطيرة قيل ، وما المخلص من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم إذا حسدت فلا تبغ أي لا تتكلف لإزالة النعمة عن المنعم عليه . وإذا ظننت فلا تحقق وإذا نظرت فلا ترجع }
وعن
سوار بن سعيد قال شهدت أنا ورجل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى بشهادة ففيه صاحبي عن حجته أي عجز عن إظهار حجته وغفل عن ذلك فقلت له أتفسد شهادتي إن أعربت عنه فقال لا فأعربت عنه فقضى له ، وإنما قال هذا ; لأن
من يكون خصما في حادثة لا تقبل شهادته في تلك الحادثة فخاف إن أظهر حجة صاحبه أن يجعله خصما ويفسد شهادته فبين له
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى أنه لا يصير خصما بهذا القدر إذا لم يوكله صاحبه به بل هو متبرع فيما يظهر من حجة صاحبه ، وليس فيه أكثر من أن يعين المدعي ، وما حضر مجلس القاضي إلا لتعيين المدعي وتوصله إلى حقه فلا يفسد به شهادته
وعن
سوار قال اختصم قوم عند
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى فذكرت له ذلك فقال ما أراه فهم وسأذكر ذلك له الليلة فذكرت ذلك له فقال ما فهمت فمرهم أن يرجعوا لي فرجعوا إليه فقضى لهم ، وفيه دليل على أنه ينبغي لمن
وقف على خطأ القاضي في قضائه أن ينبهه ولا يجاهره بذلك مراعاة لحشمته ، ولكنه يأمر أقرب الناس منه ليخبره بذلك في حال خلوته ، وفيه دليل أن
القاضي إذا تبين له خطأ في قضائه ينبغي له أن يظهر رجوعه عن ذلك ولا يمنعه الاستيحاء عن الناس من ذلك ولا الخوف فالله تعالى يحفظه من الناس والناس لا يحفظونه من عذاب الله تعالى وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول قال لأن أكون قاضيا أحب إلي من أن أكون خازنا يعني أن خازن بيت المال عامل للمسلمين والقاضي كذلك إلا أن الخازن يحفظ على المسلمين مالهم والقاضي يحفظ عليهم دينهم وتمكن الخازن من المال خوف الفتنة على نفسه بسببه أكثر من تمكن القاضي ; فلهذا آثر القضاء ، وقد بينا أن المتقدمين فيهم من كان يؤثر تقلد القضاء على الامتناع منه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله تعالى قال ما شددت على لهواة خصم أي ما منعته من إظهار حجته ، وما قويت أحد الخصمين على الآخر بتلقين شيء قط ; ولهذا بقي في القضاء مدة طويلة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه أضاف رجلا فلما مكث أياما
[ ص: 76 ] قرب إليه في خصومة فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أخصم أنت فقال نعم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81203فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نضيف الخصم إلا أن يكون خصمه معه } ، وفيه دليل أنه لا بأس
للإمام أن يخص بعض الناس بالضيافة إذا لم يكن له خصومة ، وأنه لا ينبغي له أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ; لأن ذلك يكسر قلب الخصم الآخر ويلحق به تهمة الميل ولا بأس بأن يضيفهما جميعا ; لأن تهمة الميل تنتفي عنه إذا سوى بينهما
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81204قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=59لعمرو بن العاص رضي الله عنه اقض بين هذين قال أأقضي ، وأنت حاضر ، أو جالس قال صلوات الله عليه وسلامه نعم قال على ماذا أقضي قال سلام الله عليه على أنك إن اجتهدت فأصبت فلك عشر حسنات ، وإن أخطأت فلك حسنة } ، وفيه دليل
لأهل السنة رحمهم الله المجتهد يصيب ويخطئ وعليه دل قوله تعالى {
ففهمناها سليمان } والفهم هو إصابة الحق فقد خصه بذلك ففيه دليل على أنه معذور ، وإن أخطأ ، وهذا إذا لم يكن طريق الإصابة بينا وهو مثاب على اجتهاده فإن أصاب المطلوب بالاجتهاد فله ثواب الاجتهاد وثواب إظهار الحق بجهده وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم فلك عشر حسنات ، وإن أخطأ فله حسنة على اجتهاده إذا كان مصيبا في طريق الاجتهاد ، وإن لم يصب المطلوب بالاجتهاد وعن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81205إن الله تعالى مع القاضي ما لم يخف عملا يشدده للحق ما لم يرد غيره } ، وهذا في كل عامل يبتغي بعمله وجه الله تعالى فالله تعالى يعينه على ذلك ويوفقه قال الله تعالى {
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81206 . وقال صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=77لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها } ، ثم هذا الوعد للقاضي ما لم يظلم عمدا فالحيف هو الظلم . فإذا اشتغل به وكله الله إلى نفسه ، وكذلك إذا أراد بعمله غير الله تعالى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81207قال صلى الله عليه وسلم فيما يؤثر عن الله عز وجل أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملا وأشرك فيه غيري فهو كل لذلك الشريك ، وأنا منه بريء . }