( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام
أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء اعلم بأن
الصلح عقد جائز عرف جوازه بالكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى {
فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير } وفي هذا بيان أنه
[ ص: 134 ] نهاية في الخيرية . وأما السنة فما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81316أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة عام الحديبية على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين } {
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى رجلين يتنازعان في ثوب فقال لأحدهما هل لك إلى الشطر هل لك إلى الثلثين فدعاهما إلى الصلح وما كان يدعوهما إلا إلى عقد جائز } وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14511الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما } وهكذا كتب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري كل صلح جائز بين الناس إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما وهذا اللفظ من الأول لكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى رضي الله عنه الأشعري قد اشتهر فيما بين الصحابة رضوان الله عليهم فما ذكر فيه فهو كالمجمع عليه منهم وبظاهر هذا الاستثناء استدل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لإبطال
الصلح على الإنكار فإنه صلح حرم حلالا ; لأن المدعي إن كان محقا كان أخذ المال حلالا له قبل الصلح وحرم بالصلح وإن كان مبطلا فقد كان أخذ المال على الدعوى الباطلة حراما عليه قبل الصلح فهو صلح حرم حلالا وأحل حراما ولكنا نقول ليس المراد هذا فإن الصلح عن الإقرار لا يخلو عن هذا أيضا ; لأن الصلح في العادة يقع على بعض الحق فما زاد على المأخوذ إلى تمام الحق كان حلالا للمدعي أخذه قبل الصلح وحرم بالصلح وكان حراما على المدعى عليه منعه قبل الصلح وحل بالصلح فعرفنا أن المراد غير هذا والصلح الذي حرم حلالا وهو أن يصالح إحدى زوجتيه على أن لا يطأ الأخرى أو يصالح زوجته على أن لا يطأ جاريته والصلح الذي أحل حراما هو أن يصالح على خمر أو خنزير وهذا النوع من الصلح باطل عندنا وحمله على هذا أولى ; لأن الحرام المطلق ما هو حرام لعينه والحلال المطلق ما هو حلال لعينه ( ثم ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه ) أنه أتى في شيء فقال : إنه لجور ولولا أنه صلح لرددته وفيه دليل جواز الصلح ومعنى قوله : لجور أي هو مائل عما يقتضيه الحكم أو عما يستقر عليه اجتهادي من حكم الحادثة والجور هو الميل قال الله تعالى {
ومنها جائر } أي مائل