( قال : رحمه الله ) وإذا فهو جائز واعلم بأن الصلح أنواع ثلاثة صلح بعد الإقرار وصلح بعد الإنكار وصلح مع السكوت بأن لم يجب المدعى عليه بالإقرار ولا بالإنكار ويجوز مع الإنكار وقال ادعى رجل دارا في يد رجل فأنكرها الذي هي في يديه ، ثم صالحه على دراهم أو دنانير مسماة رحمه الله يجوز الصلح مع الإقرار والسكوت ولا يجوز مع الإنكار وقال الشافعي رحمه الله يجوز الصلح مع الإقرار ولا يجوز مع الإنكار والسكوت وكان الشيخ الشافعي أبو منصور الماتريدي رحمه الله يقول : لم يعمل الشيطان في إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين مثل من عمل في إبطال الصلح على الإنكار لما في ذلك من امتداد المنازعات بين الناس ولسنا نأخذ بهذا فمن أبطل ذلك إنما أبطله احتياطا للتحرز عن الحرام وللرشوة والأعمال بالبينات وإنما نقول كما قال رحمه الله أجود ما يكون الصلح على الإنكار . أبو حنيفة
وأما رحمه الله فإنه استدل بقوله تعالى { الشافعي يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } والصلح على الإنكار لا يكون إلا بالتجارة عن تراض فذلك ينبني على ثبوت ملك المدعي على المدعى وبدعواه لا يثبت ذلك مع إنكار المدعى عليه فكان أكل المال بالباطل وهو المعنى في المسألة فإنه يأخذ المال بطريق الرشوة والرشوة حرام وبالصلح لا يحل ما هو حرام وقاس بصلح الشفيع مع المشتري بمال يأخذه ليسلم الشفعة أو يصلح القائل مع الإنكار ليقبضه منه الولي بمال يعطيه ويصلح [ ص: 140 ] معروف النسب مع مدعي الرق على مال ليسترقه .