وإذا
كفل الرجل بنفس رجل فأعطاه رهنا بذلك ، وقبضه المرتهن لم يجز ; لأن الكفالة بالنفس ليست بمال ، والرهن يختص بحق يمكنه استيفاؤه من مال الراهن ، وما ليس بمال لا يمكنه استيفاؤه من مال الراهن ، وكذلك
الرهن بجراحة فيها قصاص أو دم عمد ، ولا يضمنه المرتهن إن هلك الرهن في يده من غير فعله ; لأنه قبضه بإذن المالك ، ولم ينعقد العقد بينهما أصلا ; لانعدام الدين فلا يثبت حكم الضمان ، وكذلك الرهن ، والعارية ، الوديعة ، والإجارة ، وكل شيء أصله أمانة ، قال رضي الله عنه : واعلم بأن
الرهن بالأعيان على ثلاثة أوجه : .
( أحدها ) :
الرهن بعين هو أمانة ، وهذا باطل ; لأن موجب الرهن ثبوت يد الاستيفاء للمرتهن ، وحق صاحب الأمانة في العين مقصور عليه ، واستيفاء العين من عين آخر ممكن ( والثاني ) :
الرهن بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع ، وهذا لا يجوز أيضا لما قلنا .
( والثالث )
الرهن بالأعيان المضمونة بنفسها كالمغصوب ، وهو صحيح ; لأن موجب الغصب رد العين إن أمكن ، ورد القيمة عند تعذر رد العين ، وذلك دين يمكنه استيفاؤه من مالية الرهن ، وكذلك
الرهن بالدرك باطل ; لأن الدرك ليس بمال مستحق يمكنه استيفاؤه ممن عليه الرهن ، وهذا بخلاف الكفالة بالدرك ، فإنه يصح ; لأن الكفالة تقبل الإضافة ، ولهذا لو كفل بما ذاب له على فلان ، فكذا إذا كفل بالدرك فإنه يصح ; لأنه يكون العقد مضافا ، وليس في المال ضمان يستحق فبطل الرهن ، ولو هلك في يد المرتهن لم يضمن ; لأن ضمان الرهن ضمان استيفاء ، والاستيفاء لا يسبق الوجوب