[ ص: 2 ] قال رحمه الله ) : وإذا فإنه يرجع على الغاصب بقيمته ; لأن المرتهن له يد صحيحة على الرهن وقد أزالها عنه الغاصب ، فكان ضامنا له ما لم ينتسخ فعله بالرد ، كما قبض ، ولم يرده هنا ، كما قبضه ; لأنه قبضه فارغا عن الجناية ، ورده مشغولا بها واستحق بذلك الشغل حين دفع بالجناية ، فكأنه لم يرده أصلا ولو هلك عنده قبل الرد كان للمرتهن أن يرجع عليه بقيمته ، فيكون رهنا مكانه ، فإن فداه المرتهن كانت القيمة التي يأخذ من الغاصب له مكان الفداء ; لأن ما لحق من الغرم إنما لحقه بالجناية عند الغاصب ، وما كان يتوصل إلى إحياء حقه إلا بالفداء ، فكان له أن يرجع على الغاصب بالأقل من القيمة ومما فداه به ; لأن الذي يتيقن باستحقاقه عليه الأقل منهما ويكون ذلك له مكان الفداء ; لأن الغرم مقابل بالغنم . كان العبد رهنا بألف ، وقيمته ألف فغصبه رجل فقتل عنده قتلا خطأ ، ثم رده ، فدفعه بالجناية
ولو كانت القيمة التي يأخذونها من الغاصب بينهما نصفين ; لأن غرم الفداء كان بينهما نصفين ، وإنما يرجعان بالقيمة باعتبار ما غرما فتكون القيمة بينهما نصفين ، ولو كان الرهن يساوي ألفين ففداه الراهن والمرتهن رده ، فإنه يباع في الدين ، إلا أن يصلحه المرتهن بقضاء الدين ، فإذا بيع بدئ بحق صاحب الدين ; لأن حقه مقدم على حق المرتهن ، فإن بقي شيء بعد الدين كان في الرهن ويضمن الغاصب ما دفعوا في الدين من عنده ; لأن ذلك القدر استحق بسبب كان من العبد في ضمان الغاصب ، فيرجعون به عليه لأن الرد لم يسلم فيه ثم يكون رهنا مع ما بقي من الثمن ولا ينقص من الرهن شيء ; لأن ما فات من ماليته ، قد أخلف بدلا وهو المستوفى من الغاصب ، فيبقى جميع الدين ببقاء الخلف . لم يجن عند الغاصب ، ولكنه أفسد متاعا لحقه من دين ، وقيمته ألف
ولو كان حين بطلت الجناية ; لأن حق ولي الجناية في تملك نفسه بالدفع إليه ، وقد فات محل حقه حين مات ثم يسقط الدين بموته في يد المرتهن ; لأنه عاد إلى يده ، كما كان مضمونا بالدين [ ص: 3 ] إذا هلك ولا شيء على الغاصب ; لأن الرد قد سلم حين لم يؤخذ منه شيء بالجناية التي كانت عند الغاصب ، وكذلك لو كان الدم عمدا فيه قصاص فعفى ولي الدم أو عفى ولي جناية الخطأ ، أو أبرأ صاحب المال في الاستهلاك ، فلا شيء على الغاصب في هذه الفصول ; لأنه لم يوجد شيء من العبد بسبب الفعل الذي كان منه في يد قيم رده ، وانتسخ به حكم فعله . قتل قتيلا في يد الغاصب رده إلى المرتهن فمات عنده
ولو فإنه يدفع بالخطأ ، ثم يقتله أصحاب العمد ، كما لو كانت هذه الجناية من العبد في يد المالك ، وهذا لو نوى القود ، وإن جنى ولي الخطأ ، ولو نوى بالدفع ما يفوت حق ولي العمد في القصاص ، ولا فائدة في البدلية في البيع بالدين ; لأنه يفوت به حق ولي الخطأ ، وإذا استوفى القصاص بطل البيع ; فلهذا يبدأ بالدفع في الخطأ ، ثم يقتله أصحاب العمد قصاصا ، ويكون على الغاصب القيمة ، ويدفع إلى أولياء الخطأ ; لأن حقهم ثبت في عبد فارغ ولم يسلم لهم ذلك فإنه دفع إليهم عبدا مباح الدم بالقصاص ، والقيمة بدل عنه فثبت حقهم في البدل بثبوت حقهم في الأصل فإذا رفعت إلى أولياء الخطأ أخذها الغرماء ، ثم يرجع المرتهن على الغاصب بقيمة أخرى ; لأن تلك القيمة استحقت بسبب كان من العبد في ضمانه فيأخذ منه هذه القيمة أصحاب الخطأ أيضا ; لأن القيمة الأولى لم تسلم لهم ، فإنها استحقت من يدهم لحق الغرماء ، فيدفع إليهم القيمة الثانية للذي استحقت من يده الجناية التي كانت عند الغاصب ، فيرجع عليه بقيمة أخرى حتى يكون في يد المرتهن قيمة لا تبعة فيها قائمة مقام عبد لم يكن فيه تبعة حين أخذه الغاصب . قتل عند الغاصب قتيلا خطأ ، ثم قتل قتيلا عمدا ، ثم أفسد متاعا مثل قيمته ، ثم رده عليهم فاختاروا دفعه
ولو بدأ بالدين ثم ثنى بالعمد ثم ثلث بالخطأ ، فاختاروا الدفع ، فإنه يدفع بالخطأ ، ثم يقتل قصاصا لما قلنا ثم يكون على الغاصب قيمته للمرتهن ، ولا سبيل لأولياء الخطأ على هذه القيمة ; لأن حقهم ما ثبت إلا في عبد مشغول ، فإنه حين جنى على وليهم كان مشغولا بالدم مباحا بالقصاص ، وقد دفع إليهم بهذه الصفقة فليس لهم أن يرجعوا بشيء آخر ، ولكن هذه القيمة يأخذها الغرماء ; لأنها بدل عن العبد وحقهم كان ثابتا في ماليته فثبت في بدله أيضا ، فإذا أخذها الغرماء رجع المرتهن على الغاصب بقيمة أخرى ، فيكون رهنا مكان العبد ; لأن القيمة الأولى استحقها الغرماء بسبب ما في العبد من ضمان الغاصب .