( قال رحمه الله ) ولو أن
لصا أكره رجلا بوعيد تلف حتى أعطى رجلا ماله ، وأكره الآخر بمثل ذلك حتى قبضه منه ، ودفعه ، فهلك المال عنده ، فالضمان على الذي أكرههما دون القابض ; لأن الدافع والقابض كل واحد منهما ملجأ من جهة المكره ، فيصير الفعل في الدفع ، والقبض منسوبا إلى المكره ، والقابض مكره على قبضه بوعيد تلف ، فلا يبقى في جانبه فعل موجب للضمان عليه ، ولأنه قبضه ليرده على صاحبه إذا تمكن منه ، ومثل هذا القبض لا يوجب
[ ص: 79 ] الضمان على القابض ، وإن كان قبضه بغير أمر صاحبه كمن أخذ آبقا ، أو ، وجد لقطة ، وأشهد أنه أخذه ليرده على صاحبه لم يكن عليه ضمان إن هلك عنده ، وكذلك لو كان أكره القابض على قبضه ليدفعه إلى الذي أكرهه فقبضه ، وضاع عنده قبل أن يدفعه إليه ، فلا ضمان على القابض إذا حلف بالله ما أخذه إلا ليدفعه إليه طائعا ، وما أخذه إلا ليرده على صاحبه إلا أن يكره على دفعه ; لأن الظاهر يشهد له في ذلك ، فإن فعل المسلم محمول على ما يحل ، ويحل له الأخذ مكرها على قصد الرد على صاحبه ، ولا يحل له الأخذ على قصد الدفع إلى المكره طائعا ، ودينه ، وعقله يدعوانه إلى ما يحل دون ما لا يحل إلا أن في اللقطة لا يقبل قوله على هذا إذا لم يشهد في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله ; لأنه متمكن من الإشهاد على ذلك ، وهنا هو غير متمكن من الإشهاد على ما في ضميره من قصد الرد على المالك ; لأنه إن أظهر ذلك عاقبه المكره ، فلهذا قبلنا قوله في ذلك مع اليمين .