[ ص: 44 ] قال : فإذا
لحق العبد دين فقال مولاه : هو محجور عليه ، وقال الغرماء : هو مأذون له فالقول قول المولى ; لأنه متمسك بالأصل ، وهو الحجر بسبب الرق ; ولأن الغرماء يدعون عليه بسبب استحقاق كسبه ، ومالية رقبته ، والمولى ينكر ذلك فعليهم إثبات هذا السبب بالبينة فإن جاءوا بشاهدين على الإذن فشهد أحدهما أن مولاه أذن له في شراء البز ، وشهد آخر أنه أذن له في شراء الطعام فشهادتهما جائزة وإن كان الدين من غير هذين الصنفين ; لأن المشهود به إنما هو أصل الإذن فأما هذا التقيد بالبز والطعام فلغو ; لأن الإذن في التجارة لا يقبل التخصيص ، وقد اتفقنا على ما هو المقصود والمشهود به فإن شهد أحدهما أنه أذن له في شراء البز وشهد آخر أنه رآه يشتري البز فلم ينهه فشهادتهما باطلة ; لأنهما اختلفا في المشهود به فإن أحدهما شهد بمعاينة فعل والآخر شهد بقول .
ولو شهد أحدهما أنه رآه يشتري البز فلم ينهه وشهد الآخر أنه رآه يشتري الطعام فلم ينهه فشهادتهما باطلة ; لأن كل واحد منهما شهد بمعاينة فعل غير الفعل الذي شهد الآخر بمعاينته فلم يثبت بما شهد بمعاينة كل فعل إلا شاهد واحد ، ولو شهد أنه رآه يشتري البز فلم ينهه كان الشراء جائزا ، وكان العبد مأذونا له في التجارة ; لأنهما اتفقا على الشهادة بمعاينة فعل واحد والثابت بشهادة شاهدين كالثابت بالمعاينة ، ولو عاينا المولى رآه يبيع البز فلم ينهه كان مأذونا له في التجارة في الأشياء كلها فكذلك إذا شهد عليه الشاهدان بذلك ، والله أعلم .