ص ( وإنما تدفع لحر مسلم فقير )
ش : ختم الباب ببيان
مصرف زكاة الفطر ، فقال : وإنما تدفع لحر مسلم فقير يعني أنه يشترط فيمن تدفع له زكاة الفطر ثلاثة شروط : ( الأول ) الحرية ، ( والثاني ) الإسلام ، ( والثالث ) الفقر ولا خلاف في ذلك عندنا فلا تدفع لعبد ولا لمن فيه شائبة ولا لكافر ولا لغني ، قال في المدونة : ولا يعطاها
أهل الذمة ولا العبد ، قال
أبو الحسن : يريد : ولا الأغنياء فإن
أعطاها من لا يجوز له أخذها عالما بذلك لم يجزه ولا ضمان عليهم ، وإن لم يعلم نظر فإن كانت قائمة بأيديهم استرجعها ، وإن أكلوها وصانوا بها أموالهم ضمنوها ، وإن هلكت بسبب من الله نظر فإن غروا ضمنوا ، وإن لم يغروا لم يضمنوا ، انتهى .
( تنبيهات الأول ) قال
اللخمي : واختلف في
صفة الفقير الذي تحل له فقيل : هو من تحل له زكاة العين ، وقال
أبو مصعب لا يعطاها من أخرجها
ولا يعطى فقير أكثر من زكاة إنسان وهو صاع ، وهذا هو الظاهر لقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1298أغنوهم عن طواف هذا اليوم } فالقصد غناء ذلك اليوم ، والقصد بما سواها من الزكاة ما يغنيه عما يحتاجه من النفقة والكسوة في المستقبل ، وقد قيل : يعطى ما فيه كفاف لسنة ، ولذا قيل : لا بأس أن يعطى الزكاة من له نصاب لا كفاية فيه ولا أعلمهم يختلفون أنه
لا يعطى زكاة الفطر من يملك نصابا ، انتهى . فأول كلامه يخالف آخره لأن قوله " لا تحل له زكاة العين " يقتضي جواز دفعها لمالك النصاب ، وقال في آخر كلامه : لا أعلمهم يختلفون أنها لا تعطى لمن يملك نصابا إلا أن يقيد أول كلامه بآخره ، والظاهر من كلام
ابن بشير أنه لم يعتبر ما قاله
اللخمي آخرا فإنه قال : واختلف في صفة من يحل له أخذها على قولين : أحدهما - أنه من يحل له أخذ الزكاة ، والثاني - أنه الفقير الذي لم يأخذ منها في يومه ذلك ، وعلى الأول يجوز أن يعطى أكثر من صدقة إنسان واحد ، وعلى الثاني لا يجوز أن يأخذ أكثر من ذلك ، انتهى . ونحوه في الجواهر والذخيرة وهو ظاهر كلام
ابن راشد في الباب الآتي ، وقال
ابن عرفة : وفي كون مصرفها فقير الزكاة أو عادم قوت يومه نقل
اللخمي ، وقال
أبو مصعب : وخرج عليها إعطاؤها من ملك عبدا فقط ولا يتم إلا بعجز قيمته عن نصاب أو كونه محتاجا إليه ، انتهى .
فانظره فالذي تحصل من كلامهم أن الفقير الذي تصرف له الفطرة هو فقير الزكاة على المشهور على ما قاله الجماعة ، وقيل ما قاله
اللخمي بأن لا يكون مالكا للنصاب ، والله أعلم .
( الثاني ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : ومصرفها مصرف الزكاة ، وقيل الفقير الذي لم يأخذ منها وعلى المشهور يعطى الواحد عن متعدد ، قال في التوضيح : ظاهر كلامه أنها تصرف في الأصناف الثمانية وليس كذلك فقد نص في الموازية على أنه لا يعطى منها
[ ص: 377 ] من يليها ولا من يحرسها ، وظاهر كلامهم أنه لا يعطى منها المجاهدون ، وأكثر كلامهم أنها تعطى للفقراء والمساكين ، انتهى .
ونحوه
لابن عبد السلام ، وقال
الشارح في الكبير : ظاهر كلام
الشيخ هنا أنها لا تعطى للمؤلفة قلوبهم ، ولو احتيج إليهم وهو أيضا ظاهر المدونة ، وإذا قلنا : إنهم كفار على ما تقدم ويعطى منها ابن السبيل إذا كان فقيرا بموضعه ، ولو كان غنيا ببلده لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1298أغنوهم عن طواف هذا اليوم } ، وهذا إذا كان محتاجا لم يستغن عن ذلك وانظر
، هل يجوز أن يشتري منها الرقيق ، ويعتق إذا فضل عن حاجة فقراء بلدها أو لم يوجد به فقير أم لا وينقل ما فضل إلى غيرهم وهل يعطى الغارم منها أم لا ، وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إجازة جميع ذلك ; لأنه قال : ومصرفها كالزكاة أي فتصرف في الأصناف الثمانية ، واعترضه الشيخ
خليل بما تقدم عن الموازية وغيرها ، وظاهر كلامه في المدونة أن المنع مقصور على
أهل الذمة والعبيد والغني على تقييد
أبي الحسن الصغير ، وأنه يجوز دفعها لغيرهم فانظره مع كلام
الشيخ ، انتهى . كلام الشارح .
( قلت ) : أما ما ذكره في ابن السبيل فلا إشكال فيه ; لأنه إنما أخذ حينئذ بوصف الفقر ، وأما لو كان معه ما يكفيه وهو محتاج إلى ما يوصله إلى بلده فظاهر كلام
ابن عرفة المتقدم أو صريحه أنها لا تصرف له ، وأنها لا تصرف في شراء رقيق ولا لغارم وهو ظاهر كلام
ابن عبد السلام والمصنف ، وكذلك قال
ابن راشد في اللباب ، ونصه : والمخرج إليه من له أخذ الزكاة من الفقراء على المشهور ، وقيل : الفقير الذي لم يأخذ منها في يومه ، انتهى . قال في
الجلاب : ولا تدفع إلا إلى حر مسلم فقير ، وأما كلام المدونة فليس فيه ما يقتضي صرفها لغير الفقير ، وأما كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب فمعترض كما تقدم ، وقد اعتمد الشارح في شامله على نحو ما ذكره هناك لكنه حكاه بقيل ، فقال ومصرفها حر مسلم فقير ، وقيل مصرف الزكاة وهو ظاهرها لا لغني وعبد ومؤلف ، انتهى . فأشار بقوله ، وقيل إلى ما قاله : إنه ظاهر كلام
ابن الحاج فتأمله ، والله أعلم .
( الثالث ) قال
الشارح في الكبير نبه
المصنف بقوله " فقير " على أنها تدفع للمساكين من باب أولى لما علمت أنه على المذهب أنه أشد حاجة من الفقير ، انتهى . وما قاله ظاهر ، وقد تقدم في كلام التوضيح أنه قال : أكثر عباراتهم أنها تعطى للفقراء والمساكين وهكذا ، قال
ابن عبد السلام ، والله أعلم .
( الرابع ) قال في الشامل : ولا بأس بدفعها لأهله الذين لا تلزمه نفقتهم على الأظهر
وللمرأة دفعها لزوجها الفقير ولا يجوز له دفعها لها ولو كانت فقيرة ; لأن نفقتها تلزمه ومنع أيسر بعد أعوام لم يقبضها ، انتهى . ونقله الشيخ
زروق في شرح الإرشاد .
( الخامس ) الحديث المذكور - أعني قوله صلى الله عليه وسلم أغنوهم - يغني المساكين عن طواف هذا اليوم رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وابن سعد في الطبقات بهذا اللفظ ، وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1298أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم } ، وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1298أغنوهم في هذا اليوم } ، والله أعلم ، انتهى .