ص ( وإن
أقامت المرأة سرا فحسن )
ش يعني أن المرأة إن صلت وحدها فإن الإقامة في حقها حسنة يعني مستحبة ، وليست سنة كما في حق الرجل وأما إذا صلت مع الجماعة فتكتفي بإقامتهم كما سيأتي ذلك في حق الرجال أيضا ولا يجوز أن تكون هي المقيمة للجماعة ; لأن صوتها عورة ، ولا تحصل السنة بإقامتها كما لا تحصل سنة الأذان بأذانها ، قال في الطراز في شرح كلام المدونة الآتي : يريد إنها أقامت لنفسها لا أنها تقيم في المساجد للجماعة ، وإذا أقامت لنفسها فإنها تقيم سرا ; لأنه سيأتي أن المنفرد من الرجال يسر الإقامة ، وما ذكره
المصنف من كون الإقامة في حق المرأة حسنة أي : مستحبة هو المشهور وهو مذهب المدونة ، قال فيها :
وليس على المرأة أذان ولا إقامة ، وإن أقامت فحسن ، قال
ابن ناجي في شرح المدونة : المعروف من المذهب أن إقامتها حسنة كما قال ، وروى الطراز عدم استحبابها إذ لم يرو عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يقمن ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب والمرأة كالرجل على المشهور .
( قال )
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون هو مشكل ; لأنها للرجل سنة مؤكدة ، وللنساء مستحبة فلا يستويان وفي بعض النسخ ، وفي المرأة حسن على المشهور ، وقال : هذا أشبه مما في الأصل ووفاق لمذهب الكتاب انتهى .
(
قلت ) وعلى ما في بعض النسخ شرح
ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح لكن جعل في المسألة ثلاثة أقوال فإنه قال : قوله حسن على المشهور ، هو قول
ابن القاسم ، قال في
الجلاب : وليس على النساء أذان ولا إقامة ، قاله
ابن عبد الحكم ، وقال
ابن القاسم : إن أقمن فحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12321ولأشهب ثالث بالكراهة انتهى .
(
قلت ) لم يحك صاحب الطراز عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب الكراهة وإنما فهم كلامه على عدم الاستحباب ، قال في الطراز : اختلف
[ ص: 464 ] قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الإقامة فمرة استحسنها ، ومرة لم يستحسنها ، قال في سماع
أشهب : ما سمعت ذلك قال أفأحب إليك أن تقيم ، قال ما آمرها بذلك انتهى . ورأيت
الشبيبي في شرح الرسالة حكى ثلاثة أقوال كما فعل
المصنف في التوضيح وعزا القول بالكراهة لسماع
أشهب ، وبحث الشارح في الكبير في جعل قول
ابن عبد الحكم ثالثا ، وقال : هو راجع لقول
ابن القاسم فيما يظهر ; لأنه إنما نفى اللزوم ولا يلزم منه نفي الاستحباب فلا يكون ثالثا انتهى . وما قاله ظاهر وعلى ذلك فهمه
ابن عرفة لكنه لم يجعل مقابل المشهور الكراهة وإنما جعل مقابله عدم الاستحباب ، ونصه : " وفيها لا أذان على امرأة ولا إقامة ، وإن أقامت فحسن ، وهو في
الجلاب عن
ابن عبد الحكم وروي في الطراز عدم استحسانها إذ لم ترو عن أزواجه صلى الله عليه وسلم انتهى .
(
قلت ) كلام الشارح ،
وابن عرفة يقتضي أن قول
ابن القاسم وابن عبد الحكم متحدان وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب يدل على أنهما متغايران كما نقل في التوضيح لكن يمكن حمل كلام
ابن عبد الحكم على أنه موافق لكلام
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وليس ثالثا انتهى .
( تنبيهات : الأول ) الفرق بين الأذان ، والإقامة حيث لم يطلب الأذان من المرأة ; لأنه شرع للإعلام بدخول الوقت ، والحضور للصلاة ، والإقامة شرعت لإعلام النفس بالتأهب للصلاة فلذلك اختص الأذان بمن ذكر ، وشرعت الإقامة للجميع ( الثاني ) : إذا صلى الصبح لنفسه فإنه يؤمر بالإقامة في النوادر قال
ابن القاسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المجموعة : وإن صلى الصبح لنفسه فليقم ، ونقله صاحب الطراز
وابن عرفة .
( الثالث ) قوله : " سرا " لم أر من صرح بتخصيص المرأة بالسر بل ظاهر كلامهم أن المطلوب في إقامة المنفرد أن يكون سرا في المدونة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر : ومن صلى وحده فليسر الإقامة في نفسه ، قال
ابن ناجي ، قال : قال بعضهم : لم يوجد
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك خلاف ، وقبله
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون ، قال
المغربي : وظاهر الكتاب أن الإسرار مطلوب ، وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12108أبو عمران قائلا : " مخافة أن يشوش على من عسى أن يكون قد يصلي هناك " ، واختصره
ابن يونس فلا بأس أن يسر الإقامة في نفسه وينبغي أن تكون هناك لا بأس لما هو خير من غيره فيكون وفاقا لاختصار
البراذعي ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : وإسرار المنفرد حسن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون : هكذا وقع في المدونة وفيه نظر لاحتمال أن يريد وغير الإسرار ، وهو الجهر أحسن لقول
أبي محمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : أحب إلي رفع الصوت بالإقامة ولم يحفظه
ابن عبد السلام ، بل قال : لو اختير فيها رفع الصوت لكان أحسن ; لأن الشيطان إذا سمع التثويب أدبر ، ومباعدة الشيطان مطلوبة لا سيما في هذه الحال انتهى .
(
قلت ) ظاهره أن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب يخالف في إقامة المنفرد ويرى الجهر بها أولى ولم أر من صرح بذلك إلا ما يفهم من كلام
ابن عرفة فإنه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر : يسرها المنفرد في نفسه الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب أحب إلي رفع الصوت بالإقامة انتهى . وليس في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد في النوادر التصريح بذلك بل ظاهر كلامه الذي حكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب إنما هو في الجماعة . قيل :
nindex.php?page=showalam&ids=12321لأشهب : أيؤذن على المنار أو في سطح المسجد ؟ قال : أحب إلي من الأذان أسمعه للقوم ، وأحب إلي في الإقامة أن تكون في صحن المسجد ، وقرب الإمام ، وكل واسع ، وأحب إلي أن يرفع صوته بالأذان ، والإقامة انتهى . ولهذا لم يذكر صاحب الطراز لما تكلم على مسألة المدونة فيه ذلك خلافا بل ، قال : إن الإقامة شرعت أهبة للصلاة بين يديها تفخيما لها كغسل الإحرام ، وغسل الجمعة فحسن أن يقال فيها : من أقام في المسجد بعد ما صلى أهله لا يجهر بذلك لما فيه من اللبسة والدلسة ، ولأنه إذا سمع منه ذلك مرارا يظن به الخروج عن رأي الإمام وعما عليه الجماعة ، وأنه يتعمد أن يصلي وحده انتهى . فتأمله .
وقال
الشبيبي في شرح الرسالة وفي صفة الإقامة أن تكون جهرا للجماعة سرا للفذ ، والله تعالى أعلم .