ولو شك شافعي في إتيان المخالف بالواجبات عند المأموم لم يؤثر في صحة الاقتداء به تحسينا للظن به في توقي الخلاف ومر في سجدة ص أن المبطل الذي يغتفر جنسه في الصلاة لا يضر إتيان المخالف به وكذا لا يضر إخلاله بواجب إن كان ذا ولاية [ ص: 282 ] خوفا من الفتنة فيقتدي به الشافعي ولا إعادة عليه وكأنهم إنما لم يوجبوا عليه موافقته في الأفعال مع عدم نية الاقتداء به لعسر ذلك وإلا فهو محصل لدفع الفتنة ولصحة صلاة الشافعي يقينا ويشكل على ذلك ما يأتي أنه لا تصح الجمعة المسبوقة ، وإن كان السلطان معها الصادق بكونه إمامها إذ قياس ما هنا صحة اقتدائهم به خوف الفتنة بل هي ثم أشد ويجاب بأنه عهد إيقاع غير الجمعة مع اختلال بعض شروطها لعذر ولم يعهد ذلك في الجمعة بعد تقدم جمعة أخرى ، فإن اضطروا للصلاة معه نووا ركعتين نافلة
( تنبيه ) رجح مقابل الأصح جماعة من أكابر أئمتنا بل ألف فيه مجلي ونقل عن الأكثرين لكن نوزع فيه واختاره جمع محققون متأخرون وعلى المذهب فرق ابن عبد السلام بين ما هنا وعدم صحة اقتداء أحد مجتهدين في الماء أو القبلة إذا اختلف اجتهادهما بالآخر بأن المنع مطلقا هنا يؤدي إلى تعطيل الجماعة المطلوب تكثيرها بخلافه في ذينك لندرتهما ، فإن قلت يؤيد المقابل المذكور ما هو معلوم أن من قلد تقليدا صحيحا كانت صلاته صحيحة حتى عند مخالفه قلت معنى كونها صحيحة عند المخالف أنها تبرئ فاعلها عن المطالبة بها ونحو ذلك لا أنا نربط صلاتنا بها ؛ لأن هذا تخلفه مفسدة أخرى هي اعتقادنا أنه غير جازم بالنية بالنسبة إلينا فمنعنا الربط لذلك لا لاعتقادنا بطلان صلاته بالنسبة لاعتقاده فالحاصل أنها من حيث ربطنا بها غير صالحة لذلك ومن حيث إبراؤها لذمة فاعلها صالحة له ظاهرا فيهما وأما باطنا فكل من صلاتنا وصلاته يحتمل الصحة وغيرها لأن الحق أن المصيب في الفروع واحد لكن على كل مقلد أن يعتقد بناء على أنه يجب تقليد الأرجح عنده أن ما قاله مقلده أقرب إلى موافقة ما في نفس الأمر مما قاله غيره مع احتمال مصادفة قول غيره لما فيه فتأمله .
حاشية ابن قاسم
( قوله : لم يؤثر ) ظاهره ، وإن علم الشافعي أنه لا يطلب عند ذلك المخالف توقى ذلك الخلاف وليس بعيد الاحتمال أن يأتي بها احتياطا ، وإن لم يطلب عنده توقي الخلاف فيها ( قوله : وكذا لا يضر إخلاله إلخ ) [ ص: 282 ] المعتمد الضرر م ر ( قوله : ويجاب بأنه عهد إلخ ) لا يخفى ما فيه على المتأمل ( قوله : وعلى المذهب فرق ابن عبد السلام إلخ ) قد يقال لا حاجة للفرق بل ما ذكر على حد ما هنا من اعتبار نية المقتدي ، فإن كلا من المجتهدين يعتقد نجاسة ماء الآخر ، وإن جهته غير قبلة ( قوله : أنه غير جازم بالنية ) فيه نظر .
حاشية الشرواني
( قوله : ولو شك ) إلى قوله وكذا لا يضر في النهاية والمغني ( قوله : ولو شك شافعي في إتيان المخالف إلخ ) قد يؤخذ منه عدم تأثير الشك في إتيان المخالف بالأبعاض عند المأموم فلا يسن للشافعي بل لا يجوز له سجود السهو فيما إذا شك في إتيان إمامه الحنفي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول مثلا ويأتي عن سم ما يفيد عدم التأثير ، وإن علم الشافعي أنه لا يطلب عند ذلك المخالف الخروج من الخلاف في ذلك المشكوك فيه لكونه مكروها عنده مثلا فظهر بذلك اندفاع ما ادعاه بعض المتأخرين من سن سجود السهو للشافعي المقتدي بالحنفي في غير الصبح أيضا إذ الظاهر ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول لاعتقاده كراهتها ( قوله : لم يؤثر إلخ ) ظاهره ، وإن علم الشافعي أنه لا يطلب عند ذلك المخالف توقي ذلك الخلاف وليس بعيدا لاحتمال أن يأتي بها احتياطا ، وإن لم يطلب عنده توقي الخلاف فيها سم وبذلك يظهر اندفاع ما توهم من عدم صحة اقتداء الشافعي بالحنفي في صلاة الجنازة إذ الظاهر تركه الفاتحة فيها لاعتقاده كراهة قراءتها في صلاة الجنازة
( قوله : تحسينا للظن به ) قال في الروض وشرحه ومحافظة على الكمال عنده انتهى وقد يعترض على كلا التعليلين بأنه قد لا يكون المتروك عنده من الكمال ولا مما يطلب الخروج من الخلاف فيه عنده فلا يكون الظاهر الإتيان بجميع الواجبات سم على المنهج بقي أن يقال سلمنا أنه أتى به لكن على اعتقاد السنية ومن اعتقد بفرض معين نفلا كان ضارا وأشار شرح الروض إلى دفعه بما حاصله أن اعتقاد عدم الوجوب إنما يؤثر إذا لم يكن مذهبا للمعتقد وإلا بأن كان مذهبا له لم يؤثر ويكتفي منه بمجرد الإتيان به ع ش وتقدم آنفا عن سم ما يندفع به الاعتراض الأول أيضا ( قوله : وكذا لا يضر إلخ ) قاله الحليمي واستحسناه بعد نقلهما عن تصحيح الأكثرين وقطع جماعة بعدم الصحة وهو المعتمد مغني ونهاية وعبارةسم قوله وكذا لا يضر إخلاله إلخ المعتمد الضرر م ر . ا هـ .
( قوله : بواجب ) كالبسملة نهاية [ ص: 282 ] ومغني كأن سمعه يصل تكبيرة التحرم أو القيام ب الحمد لله ع ش ( قوله : خوفا من الفتنة ) هذا التعليل ممنوع فقد لا يعلم الإمام بعدم اقتدائه أو مفارقته كأن يكون في الصف الأخير مثلا أو يتابعه في أفعالها من غير ربط وانتظار كثير فينتفي خوف الفتنة نهاية ( قوله : فهو إلخ ) أي الموافقة من غير ربط وانتظار كثير نهاية ( قوله : فيقتدي به الشافعي إلخ ) خلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا ( قوله : على ذلك ) أي على قوله وكذا لا يضر إخلاله إلخ ( قوله : ويجاب بأنه عهد إلخ ) لا يخفى ما فيه على المتأمل سم ( قوله : للصلاة معه ) أي لصلاة الجمعة المسبوقة مع السلطان ( قوله : ونقل ) أي مقابل الأصح أو ترجيحه ( قوله : لكن نوزع فيه ) أي في النقل
( قوله : واختاره ) أي مقابل الأصح ( قوله : وعلى المذهب ) أي الراجح الذي عبر عنه المنهاج بالأصح ( قوله : فرق إلخ ) قد يقال لا حاجة للفرق بل ما ذكر على حد ما هنا من اعتبار نية المقتدي ، فإن كلا من المجتهدين يعتقد نجاسة ماء الآخر ، وأن جهته غير قبلة سم ( قوله : بين ما هنا ) أي صحة الاقتداء في نحو الفصد ، وإن شئت تقول أي في الفروع الخلافية فصححوا فيها الاقتداء في نحو الفصد دون نحو المس ( قوله : بالآخر ) متعلق بالاقتداء ( قوله : بأن المنع ) أي منع صحة الاقتداء مطلقا أي سواء أتى الإمام بمبطل عندنا أو عنده ( هنا ) أي في الفروع الخلافية في المذاهب ( قوله المقابل إلخ ) يعني الصحة في نحو المس ( قوله ونحو ذلك ) عطف على قوله إنها تبرئ ( قوله : لا أنا نربط إلخ ) أي وليس معناه أنه يصح لنا الاقتداء بهم
( قوله : لأن هذا ) أي صحة الربط وتكثير الجماعة ( قوله : أنه غير جازم إلخ ) فيه نظر سم ( قوله : لذلك ) أي لاعتقادنا أنه غير جازم إلخ ( قوله : أنها ) أي صلاة المخالف مع نحو المس ( قوله : لذلك ) أي للربط فاللام للتعدية و ( صالحة ) على ظاهره ويحتمل أن المشار إليه اعتقادنا أنه غير جازم إلخ فاللام للتعليل وصالحة بمعنى صحيحة ويؤيده قوله ظاهرا فيهما إلخ ( قوله : فكل من صلاتنا ) أي مع نحو الفصد ( وصلاته ) أي مع نحو المس ( قوله : على كل مقلد ) بكسر اللام ( قوله : أنه يجب تقليد الأرجح إلخ ) أي والأصح خلافه كما يأتي في القضاء كردي ( قوله : عنده ) أي المقلد ( قوله : مقلده ) بفتح اللام ( قوله : لما فيه ) أي في الواقع ونفس الأمر .