ثم دخلت سنة خمس وعشرين

ذكر خلاف أهل الإسكندرية

في هذه السنة خالف أهل الإسكندرية ونقضوا صلحهم .

وكان سبب ذلك أن الروم عظم عليهم فتح المسلمين الإسكندرية ، وظنوا أنهم لا يمكنهم المقام ببلادهم بعد خروج الإسكندرية عن ملكهم ، فكاتبوا من كان فيها من الروم ودعوهم إلى نقض الصلح ، فأجابوهم إلى ذلك . فسار إليهم من القسطنطينية جيش كثير ، وعليهم منويل الخصي ، فأرسوا بها ، واتفق معهم من بها من الروم ، ولم يوافقهم المقوقس بل ثبت على صلحه . فلما بلغ الخبر إلى عمرو بن العاص سار إليهم ، وسار الروم إليه ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم الروم وتبعهم المسلمون إلى أن أدخلوهم الإسكندرية ، وقتلوا منهم في البلد مقتلة عظيمة ، منهم منويل الخصي . وكان الروم لما خرجوا من الإسكندرية قد أخذوا أموال أهل تلك القرى من وافقهم ومن خالفهم . فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا لعمرو بن العاص : إن الروم أخذوا دوابنا وأموالنا ، ولم نخالف نحن عليكم وكنا على الطاعة . فرد عليهم ما عرفوا من أموالهم بعد إقامة البينة . وهدم عمرو سور الإسكندرية وتركها بغير سور .

صلح سعد بن أبي وقاص عن أهل الري

وفيها بلغ سعد بن أبي وقاص عن أهل الري عزم على نقض الهدنة والغدر ، فأرسل إليهم وأصلحهم وغزا الديلم ثم انصرف .



فتح البيلقان وبرذعة

وسار سلمان بن ربيعة الباهلي إلى أران ، ففتح البيلقان صلحا على أن آمنهم على دمائهم وأموالهم وحيطان مدينتهم ، واشترط عليهم الجزية والخراج .

ثم أتى سلمان مدينة برذعة فعسكر على الثرثور ، نهر بينه وبينها نحو فرسخ ، فقاتله أهلها أياما ، وشن الغارات في قراها ، فصالحوه على مثل صلح البيلقان ودخلها ، ووجه خيله ففتحت رساتيق الولاية ، ودعا أكراد البلاشجان إلى الإسلام ، فقاتلوه فظفر بهم ، فأقر بعضهم على الجزية وأدى بعضهم الصدقة ، وهم قليل ، ووجه سرية إلى شمكور ففتحوها ، وهي مدينة قديمة ، ولم تزل معمورة حتى أخربها السناوردية ، وهم قوم تجمعوا لما انصرف يزيد بن أسيد عن أرمينية فعظم أمرهم ، فعمرها بغا سنة أربعين ومائتين ، وسماها المتوكلية نسبة إلى المتوكل .

فتح مجمع أرس والكر

وسار سلمان إلى مجمع أرس والكر ففتح قبلة ، وصالحه صاحب سكر وغيرها على الإتاوة ، وصالحه ملك شروان وسائر ملوك الجبال وأهل مسقط والشابران ومدينة الباب ثم امتنعت بعده .

ذكر غزوة معاوية الروم

وفيها غزا معاوية الروم فبلغ عمورية ، فوجد الحصون التي بين أنطاكية وطرسوس خالية ، فجعل عندها جماعة كثيرة من أهل الشام والجزيرة حتى انصرف من غزاته ، ثم أغزى بعد ذلك يزيد بن الحر العبسي الصائفة وأمره ففعل مثل ذلك ، ولما خرج هدم الحصون إلى أنطاكية .

ذكر غزوة إفريقية

في هذه السنة سير عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى أطراف إفريقية غازيا بأمر عثمان ، وكان عبد الله من جند مصر ، فلما سار إليها أمده عمرو بالجنود فغنم هو وجنده ، فلما عاد عبد الله كتب إلى عثمان يستأذنه في غزو إفريقية ، فأذن له في ذلك .

ذكر عدة حوادث

وفيها أرسل عثمان عبد الله بن عامر إلى كابل ، وهي عمالة سجستان ، فبلغها في قول ، فكانت أعظم من خراسان ، حتى مات معاوية وامتنع أهلها .

وفيها ولد يزيد بن معاوية . وفيها كانت [ غزوة ] سابور الأولى ، وقيل : سنة ست وعشرين ، وقد تقدم ذلك .

وحج بالناس عثمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية