الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة خمس وعشرين

            ذكر خلاف أهل الإسكندرية

            في هذه السنة خالف أهل الإسكندرية ونقضوا صلحهم .

            وكان سبب ذلك أن الروم عظم عليهم فتح المسلمين الإسكندرية ، وظنوا أنهم لا يمكنهم المقام ببلادهم بعد خروج الإسكندرية عن ملكهم ، فكاتبوا من كان فيها من الروم ودعوهم إلى نقض الصلح ، فأجابوهم إلى ذلك . فسار إليهم من القسطنطينية جيش كثير ، وعليهم منويل الخصي ، فأرسوا بها ، واتفق معهم من بها من الروم ، ولم يوافقهم المقوقس بل ثبت على صلحه . فلما بلغ الخبر إلى عمرو بن العاص سار إليهم ، وسار الروم إليه ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم الروم وتبعهم المسلمون إلى أن أدخلوهم الإسكندرية ، وقتلوا منهم في البلد مقتلة عظيمة ، منهم منويل الخصي . وكان الروم لما خرجوا من الإسكندرية قد أخذوا أموال أهل تلك القرى من وافقهم ومن خالفهم . فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا لعمرو بن العاص : إن الروم أخذوا دوابنا وأموالنا ، ولم نخالف نحن عليكم وكنا على الطاعة . فرد عليهم ما عرفوا من أموالهم بعد إقامة البينة . وهدم عمرو سور الإسكندرية وتركها بغير سور .

            صلح سعد بن أبي وقاص عن أهل الري

            وفيها بلغ سعد بن أبي وقاص عن أهل الري عزم على نقض الهدنة والغدر ، فأرسل إليهم وأصلحهم وغزا الديلم ثم انصرف .



            فتح البيلقان وبرذعة

            وسار سلمان بن ربيعة الباهلي إلى أران ، ففتح البيلقان صلحا على أن آمنهم على دمائهم وأموالهم وحيطان مدينتهم ، واشترط عليهم الجزية والخراج .

            ثم أتى سلمان مدينة برذعة فعسكر على الثرثور ، نهر بينه وبينها نحو فرسخ ، فقاتله أهلها أياما ، وشن الغارات في قراها ، فصالحوه على مثل صلح البيلقان ودخلها ، ووجه خيله ففتحت رساتيق الولاية ، ودعا أكراد البلاشجان إلى الإسلام ، فقاتلوه فظفر بهم ، فأقر بعضهم على الجزية وأدى بعضهم الصدقة ، وهم قليل ، ووجه سرية إلى شمكور ففتحوها ، وهي مدينة قديمة ، ولم تزل معمورة حتى أخربها السناوردية ، وهم قوم تجمعوا لما انصرف يزيد بن أسيد عن أرمينية فعظم أمرهم ، فعمرها بغا سنة أربعين ومائتين ، وسماها المتوكلية نسبة إلى المتوكل .

            فتح مجمع أرس والكر

            وسار سلمان إلى مجمع أرس والكر ففتح قبلة ، وصالحه صاحب سكر وغيرها على الإتاوة ، وصالحه ملك شروان وسائر ملوك الجبال وأهل مسقط والشابران ومدينة الباب ثم امتنعت بعده .

            ذكر غزوة معاوية الروم

            وفيها غزا معاوية الروم فبلغ عمورية ، فوجد الحصون التي بين أنطاكية وطرسوس خالية ، فجعل عندها جماعة كثيرة من أهل الشام والجزيرة حتى انصرف من غزاته ، ثم أغزى بعد ذلك يزيد بن الحر العبسي الصائفة وأمره ففعل مثل ذلك ، ولما خرج هدم الحصون إلى أنطاكية .

            ذكر غزوة إفريقية

            في هذه السنة سير عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى أطراف إفريقية غازيا بأمر عثمان ، وكان عبد الله من جند مصر ، فلما سار إليها أمده عمرو بالجنود فغنم هو وجنده ، فلما عاد عبد الله كتب إلى عثمان يستأذنه في غزو إفريقية ، فأذن له في ذلك .

            ذكر عدة حوادث

            وفيها أرسل عثمان عبد الله بن عامر إلى كابل ، وهي عمالة سجستان ، فبلغها في قول ، فكانت أعظم من خراسان ، حتى مات معاوية وامتنع أهلها .

            وفيها ولد يزيد بن معاوية . وفيها كانت [ غزوة ] سابور الأولى ، وقيل : سنة ست وعشرين ، وقد تقدم ذلك .

            وحج بالناس عثمان .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية