وفي هذه السنة تحركت الشيعة بالكوفة

واستعدوا للاجتماع بالنخيلة بالمسير إلى أهل الشام للطلب بدم الحسين عليه السلام ، وتكاتبوا في ذلك .

قيل : لما قتل الحسين ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ودخل الكوفة تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندم ، ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين وتركهم نصرته وإجابته حتى قتل إلى جانبهم ، ورأوا أنه لا يغسل عارهم والإثم عليهم إلا قتل من قتله أو القتل فيهم ، فاجتمعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤساء الشيعة : إلى سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت له صحبة وإلى المسيب بن نجبة الفزاري ، وكان من أصحاب علي ، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وإلى عبد الله بن وال التيمي ، تيم بكر بن وائل ، وإلى رفاعة بن شداد البجلي ، وكانوا من خيار أصحاب علي ، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، فبدأهم المسيب بن نجبة فقال بعد حمد الله :

أما بعد فإنا ابتلينا بطول العمر والتعرض لأنواع الفتن ، فنرغب إلى ربنا أن لا يجعلنا ممن يقول له غدا : أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ، فإن أمير المؤمنين عليا قال : العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة ، وليس فينا رجل إلا وقد بلغه ، وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا فوجدنا الله كاذبين في كل وطن من مواطن ابن بنت نبيه - صلى الله عليه وسلم - وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله وأعذر إلينا فسألنا نصره عودا وبدءا وعلانية فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا ، فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله ؟ لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه ، أو تقتلوا في طلب ذلك ، فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك ، ( ولا أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن ) .

أيها القوم ولوا عليكم رجلا منكم فإنه لا بد لكم من أمير تفزعون إليه وراية تحفون بها .

وقام رفاعة بن شداد وقال : أما بعد فإن الله قد هداك لأصوب القول وبدأت بأرشد الأمور بدعائك إلى جهاد الفاسقين وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك مستجاب إلى قولك ، وقلت : ولوا أمركم رجلا تفزعون إليه وتحفون برايته وقد رأينا مثل الذي رأيت ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا ، وفينا منتصحا ، وفي جماعتنا محبوبا ، وإن رأيت ورأى أصحابنا ذلك ولينا هذا الأمر شيخ الشيعة وصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد الخزاعي ، المحمود في بأسه ودينه ، الموثوق بحزمه .

وتكلم عبد الله بن سعد بنحو ذلك وأثنيا على المسيب وسليمان .

فقال المسيب : قد أصبتم فولوا أمركم سليمان بن صرد .

فتكلم سليمان فقال بعد حمد الله : أما بعد فإني لخائف ألا يكون آخرنا إلى هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة وعظمت فيه الرزية وشمل فيه الجور أولي الفضل من هذه الشيعة لما هو خير ، إنا كنا نمد أعناقنا إلى قدوم آل بيت نبينا - صلى الله عليه وسلم - نمنيهم النصر ونحثهم على القدوم ، فلما قدموا ونينا وعجزنا وأدهنا وتربصنا حتى قتل فينا ولد نبينا وسلالته وعصارته وبضعة من لحمه ودمه إذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطى ، اتخذه الفاسقون غرضا للنبل ودريئة للرماح حتى أقصدوه ، وعدوا عليه ، ( فسلبوه ألا ) انهضوا ، فقد سخط عليكم ربكم ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتى يرضى الله ، والله ما أظنه راضيا دون أن تناجزوا من قتله ، ألا لا تهابوا الموت فما هابه أحد قط إلا ذل ، وكونوا كبني إسرائيل إذ قال لهم نبيهم : إنكم ظلمتم أنفسكم فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ففعلوا وجثوا على الركب ومدوا الأعناق حين علموا أنهم لا ينجيهم من عظيم الذنب إلا القتل ، فكيف بكم لو دعيتم إلى ما دعوا ! أحدوا السيوف وركبوا الأسنة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حتى تدعوا وتستنفروا .

فقال خالد بن سعد بن نفيل : أما أنا فوالله لو أعلم أنه ينجيني من ذنبي ويرضي ربي عني قتلي نفسي لقتلتها ، وأنا أشهد كل من حضر أن كل ما أصبحت أملكه سوى سلاحي الذي أقاتل به عدوي صدقة على المسلمين أقويهم به على قتال الفاسقين .

قال أبو المعتمر بن حنش بن ربيعة الكناني مثل ذلك .

فقال سليمان : حسبكم ، من أراد من هذا شيئا فليأت به عبد الله بن وال التيمي ، فإذا اجتمع عنده كل ما تريدون إخراجه جهزنا به ذوي الخلة والمسكنة من أشياعكم .

كتاب سليمان بن صرد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان وكتب سليمان بن صرد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان يعلمه بما عزموا عليه ويدعوه إلى مساعدتهم ومن معه من الشيعة بالمدائن ، فقرأ سعد بن حذيفة الكتاب على من بالمدائن من الشيعة ، فأجابوا إلى ذلك ، فكتبوا إلى سليمان بن صرد يعلمونه أنهم على الحركة إليه والمساعدة له .

وكتب سليمان أيضا كتابا إلى المثنى بن مخربة العبدي بالبصرة مثل ما كتب إلى سعد بن حذيفة ، فأجابه المثنى : إننا معشر الشيعة حمدنا الله على ما عزمتم عليه ونحن موافوك إن شاء الله للأجل الذي ضربت . وكتب في أسفل الكتاب :


تبصر كأني قد أتيتك معلما على أتلع الهادي أجش هزيم     طويل القرا نهد الشواة مقلص
ملح على فأس اللجام أزوم     بكل فتى لا يملأ الروع قلبه
محش لنار الحرب غير سئوم     أخي ثقة ، ينوي الإله بسعيه
ضروب بنصل السيف غير أثيم

)

فكان أول ما ابتدءوا به أمرهم بعد قتل الحسين سنة إحدى وستين ، فما زالوا بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السر إلى الطلب بدم الحسين ، فكان يجيبهم النفر ، ولم يزالوا على ذلك إلى أن هلك يزيد بن معاوية سنة أربع وستين ، فلما مات يزيد جاء إلى سليمان أصحابه فقالوا : قد هلك هذا الطاغية والأمر ضعيف ، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث ، وكان خليفة ابن زياد على الكوفة ، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبعنا قتلته ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقهم .

فقال سليمان بن صرد : لا تعجلوا ، إني قد نظرت فيما ذكرتم فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف الكوفة وفرسان العرب وهم المطالبون بدمه ، ومتى علموا ما تريدون كانوا أشد الناس عليكم ، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ولم يشفوا نفوسهم وكانوا جزرا لعدوهم ، ولكن بثوا دعاتكم وادعوا إلى أمركم .

ففعلوا واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد .

طرد أهل الكوفة عمرو بن حريث ثم إن أهل الكوفة أخرجوا عمرو بن حريث وكان ابن زياد قد قتل من الخوارج ثلاثة عشر ألفا وحبس أربعة آلاف ، فلما هلك يزيد قام خطيبا فقال: إن الذي كنا نقاتل عن طاعته قد مات ، فإن أمرتموني جبيت فيئكم ، وقاتلت عدوكم . وبعث بذلك إلى أهل الكوفة مقاتل بن مسمع ، وسعيد [بن قرحا] المازني ، فقام عمرو بن حريث ، وقال: إن هذين الرجلين قد أتياكم من قبل أميركم يدعوانكم إلى أمر يجمع الله به كلمتكم فاسمعوا لهما ، فقام ابن الحارث وهو يزيد ، فقال: الحمد لله الذي أراحنا من ابن سمية ، فأمر به عمرو إلى السجن فحالت بينه وبينه بكر ، وصعد عمرو المنبر فحصبوه ، فدخل داره ، واجتمع الناس في المسجد وقالوا: نؤمر رجلا إلى أن يجتمع الناس على خليفة ، فأجمعوا على عمرو بن سعد بن أبي وقاص ، ثم أجمعوا على عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الملقب دحروجة ، فبايع لعبد الله بن الزبير ، فهو يسد الأمور حتى تأتي نواب ابن الزبير ، فلما كان يوم الجمعة لثمان بقين من رمضان من هذه السنة - أعني سنة أربع وستين - قدم أميران إلى الكوفة من جهة ابن الزبير ; أحدهما عبد الله بن يزيد الخطمي على الحرب والثغر ، والآخر إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي على الخراج . قدوم المختار الكوفة وقد كان قدم قبلهما إلى الكوفة بجمعة واحدة للنصف من هذا الشهر المختار بن أبي عبيد - وهو المختار الثقفي الكذاب - فوجد الشيعة قد التفت على سليمان بن صرد ، وعظموه تعظيما زائدا ، وهم معدون للحرب ، فلما استقر المختار عندهم ، دعا في الباطن إلى إمامة محمد ابن الحنفية ، ولقبه المهدي ، فاتبعه كثير من الشيعة ، وفارقوا سليمان بن صرد وصارت الشيعة فرقتين ; الجمهور منهم مع سليمان يريدون الخروج على الناس للأخذ بثأر الحسين ، وفرقة أصحاب المختار يريدون الخروج للدعوة إلى إمامة محمد ابن الحنفية وذلك عن غير أمر ابن الحنفية ورضاه ، وإنما يتقولون عليه ليروجوا على الناس به ، وليتوصلوا إلى أغراضهم الفاسدة ، وجاءت العين الصافية إلى عبد الله بن يزيد الخطمي نائب ابن الزبير بما تمالأ عليه فرقتا الشيعة على اختلافهما ; من الخروج على الناس والدعوة إلى ما يريدون ، وأشار من أشار عليه بأن يبادر إليهم ، ويحتاط عليهم ، ويبعث الشرط والمقاتلة فيقمعهم عما هم مجمعون عليه من إرادة الشر والفتنة ، فقام خطيبا في الناس ، وذكر في خطبته ما بلغه عن هؤلاء القوم ، وما أجمعوا عليه من الأمر ، وأن منهم من يريد الأخذ بثأر الحسين ، ولقد علموا أني لست ممن قتله ، وإني والله لممن أصيب بقتله ، رحمه الله ولعن قاتله ، وإني لا أتعرض لأحد قبل أن يبدأني بالشر ، وإن كان هؤلاء يريدون الأخذ بثأر الحسين ، فليعمدوا إلى عبيد الله بن زياد ، . فإنه هو الذي قتل الحسين وخيار أهله ; فليأخذوا منه بالثأر ; ولا يخرجوا بسيوفهم على أهل بلدهم ، فيكون فيه حتفهم واستئصالهم . فقام إبراهيم بن محمد بن طلحة الأمير الآخر فقال : أيها الناس ، لا يغرنكم من أنفسكم كلام هذا المداهن ، إنا والله قد استيقنا أن قوما يريدون الخروج علينا ، ولنأخذن الوالد بالولد والولد بالوالد ، والحميم بالحميم ، والعريف بما في عرافته ، حتى يدينوا بالحق ويذلوا للطاعة . فوثب إليه المسيب بن نجبة الفزاري فقطع عليه كلامه ، فقال : يابن الناكثين أتهددنا بسيفك وغشمك ؟ ! أنت والله أذل من ذلك ، إنا لا نلومك على بغضنا وقد قتلنا أباك وجدك ، وإنا لنرجو أن نلحقك بهما قبل أن تخرج من هذا القصر . وساعد المسيب بن نجبة بعض أصحابه ، ورد عن إبراهيم بن محمد بن طلحة جماعة من العمال ، وجرت فتنة وشر كثير في المسجد ، فنزل عبد الله بن يزيد الخطمي عن المنبر ، وحاولوا أن يوقعوا بين الأميرين ، فلم يتفق لهم ذلك ، ثم ظهرت الشيعة أصحاب سليمان بن صرد بالسلاح ، وأظهروا ما كان في أنفسهم من الخروج على الناس ، وركبوا مع سليمان بن صرد فقصدوا نحو الجزيرة

وأما المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب فإنه قد كان بغيضا إلى الشيعة من يوم طعن الحسن ، وهو ذاهب إلى الشام بأهل العراق ، فلجأ إلى المدائن ، فأشار المختار على عمه ، وهو نائب المدائن بأن يقبض على الحسن ويبعثه إلى معاوية ، فيتخذ بذلك عنده اليد البيضاء ، فامتنع عمه من ذلك ، فأبغضته الشيعة بسبب ذلك ، فلما كان من أمر مسلم بن عقيل ما كان ، وقتله ابن زياد ، كان المختار يومئذ بالكوفة ، فبلغ ابن زياد أنه يقول : لأقومن بنصرة مسلم ، ولآخذن بثأره . فأحضره بين يديه ، وضرب عينه بقضيب كان بيده فشترها ، وأمر بسجنه ، فلما بلغ أخته سجنه بكت وجزعت عليه ، وكانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فكتب ابن عمر إلى يزيد بن معاوية يشفع عنده في إخراج المختار من السجن ، فبعث يزيد إلى ابن زياد أن ساعة وقوفك على هذا الكتاب تخرج المختار بن أبي عبيد من السجن ، فلم يمكن ابن زياد غير ذلك ، فأخرجه وقال له : إن وجدتك بالكوفة بعد ثلاثة أيام ضربت عنقك . فخرج المختار إلى الحجاز وهو يقول : والله لأقطعن أنامل عبيد الله بن زياد ولأقتلن بالحسين بن علي عدد من قتل على دم يحيى بن زكريا . فلما استفحل أمر عبد الله بن الزبير بمكة بايعه المختار بن أبي عبيد ، وكان من كبار الأمراء عنده ، ولما حاصره الحصين بن نمير وأهل الشام قاتل المختار دونه أشد القتال ، فلما بلغه موت يزيد بن معاوية واضطراب أهل العراق ، نقم على ابن الزبير في بعض الأمر ، وخرج من الحجاز ، فقصد الكوفة فدخلها في يوم جمعة ، والناس يتهيئون للصلاة ، فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا سلم ، وقال : أبشروا بالنصر والظفر بالأعداء . ودخل المسجد فصلى إلى سارية هنالك ، حتى أقيمت الصلاة ، ثم صلى من بعد الصلاة حتى صليت العصر ، ثم انصرف فسلم عليه الناس ، وأقبلوا إليه وعليه وعظموه ، وجعل يدعو إلى إمامه المهدي محمد ابن الحنفية ، ويظهر الانتصار لأهل البيت ، وأنه بصدد أن يقيم شعارهم ، ويظهر منارهم ، ويستوفي ثأرهم ، ويقول للناس الذين قد اجتمعوا على سليمان بن صرد من الشيعة ، وقد خشي أن يبادروا إلى الخروج مع سليمان ، فجعل يخذلهم ويستميلهم إليه ، ويقول لهم : إني قد جئتكم من قبل ولي الأمر ، ومعدن الفضل ، ووصي الوصي ، والإمام المهدي ، بأمر فيه الشفاء ، وكشف الغطاء ، وقتل الأعداء ، وتمام النعماء ، وأن سليمان بن صرد يرحمنا الله وإياه ، إنما هو عشمة من العشم ، وشن بال ، ليس بذي تجربة للأمور ، ولا له علم بالحروب ، إنما يريد أن يخرجكم فيقتل نفسه ويقتلكم ، وإني إنما أعمل على مثل قد مثل لي ، وأمر قد بين لي ، فيه عز وليكم ، وقتل عدوكم ، وشفاء صدوركم ، فاسمعوا مني وأطيعوا أمري ، ثم أبشروا وتباشروا ، فإني لكم بكل ما تأملون وتحبون كفيل . فالتف عليه خلق كثير من الشيعة ، ولكن الجمهور منهم مع سليمان بن صرد ، فلما خرجوا مع سليمان إلى النخيلة قال عمر بن سعد بن أبي وقاص وشبث بن ربعي وغيرهما لعبد الله بن يزيد نائب الكوفة : إن المختار بن أبي عبيد أشد عليكم من سليمان بن صرد . فبعث إليه الشرط فأحاطوا بداره ، فأخذه فذهب به إلى السجن مقيدا . وقيل : بغير قيد . فأقام به مدة ومرض فيه .

قال أبو مخنف : فحدثني يحيى بن أبي عيسى أنه قال : دخلت إليه مع حميد بن مسلم الأزدي نعوده ونتعاهده ، فسمعته يقول : أما ورب البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامه والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلن كل جبار ، بكل لدن خطار ، ومهند بتار ، وجموع من الأنصار ، ليسوا بميل أغمار ، ولا بعزل أشرار ، حتى إذا أقمت عمود الدين ، وجبرت صدع المسلمين ، وشفيت غليل صدور المؤمنين ، وأدركت ثأر أولاد النبيين ، لم أبك على زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا دنا . قال : وكان كلما أتيناه وهو في السجن يردد علينا هذا القول حتى خرج . وقيل في خروج المختار إلى الكوفة وسببه غير ما تقدم ، وهو أن المختار قال لابن الزبير وهو عنده : إني لأعلم قوما لو أن لهم رجلا له فقه وعلم بما يأتي ويذر لاستخرج لك منهم جندا تقاتل بهم أهل الشام .

قال : من هم ؟ قال : شيعة علي بالكوفة .

قال : فكن أنت ذلك الرجل .

فبعثه إلى الكوفة ، فنزل ناحية منها يبكي على الحسين ويذكر مصابه حتى لقوه وأحبوه فنقلوه إلى وسط الكوفة وأتاه منهم بشر كثير ، فلما قوي أمره سار إلى ابن مطيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية