وقوله تعالى:
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين إلخ مسوق لبيان استحالة تنزل الشياطين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن، وهذه الجملة وقوله تعالى:
وإنه لتنزيل رب العالمين إلخ وقوله سبحانه:
وما تنزلت به الشياطين إلخ أخوات، وفرق بينهن بآيات ليست في معناهن؛ ليرجع إلى المجيء بهن وتطرية ذكر ما فيهن كرة بعد كرة، فيدل بذلك على أن المعنى الذي نزلن فيه من المعاني التي اشتدت عناية الله تعالى بها، ومثاله أن يحدث الرجل بحديث وفي صدره اهتمام بشيء منه وفضل عناية فتراه يعيد ذكره ولا ينفك عن الرجوع إليه، والاستفهام للتقرير وعلى من متعلق بـ(تنزل) قدم عليه لصدارة المجرور، وتقديم الجار لا يضر كما بين في النحو.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في ذلك: إن (من) متضمنة معنى الاستفهام، وليس معنى التضمن أن الاسم دل على معنيين معا معنى الاسم ومعنى الحرف، وإنما معناه أن الأصل (أمن) فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف من هل والأصل (أهل) كما قال:
سائل فوارس يربوع بشدتنا أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم
فإذا أدخلت حرف الجر على (من) فقدر الهمزة قبل حرف الجر في ضميرك كأنك تقول: أعلى من تنزل الشياطين، كقولك: أعلى زيد مررت، اهـ.
وتعقبه صاحب الفرائد بقوله: يشكل ما ذكر بقولهم: من أين أنت ومن أين جئت، وقوله تعالى:
من أي شيء خلقه وقوله: فيم وبم ومم وحتام ونحوها، وأجاب صاحب الكشف بأنه لا إشكال في نحو (من أين أنت)؟ لأن التقدير: أمن البصرة أم من الكوفة مثلا، ولا يخفى أنه
[ ص: 139 ] لا يحتاج - على ما حققه النحاة - إلى جميع ذلك.
وجملة
على من تنزل إلخ في موضع نصب بـ(أنبئكم) لأنه معلق بالاستفهام، وهي إما سادة مسد المفعول الثاني إن قدرت الفعل متعديا لاثنين، ومسد مفعولين إن قدرته متعديا لثلاثة، والمراد: هل أعلمكم جواب هذا الاستفهام- أعني على من تنزل الشياطين- وأصل تنزل تتنزل فحذف إحدى التاءين.
والكلام على معنى القول عند
أبي حيان كأنه قيل: قل يا
محمد : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين