لله ما في السماوات والأرض خلقا وملكا وتصرفا، ليس لأحد سواه عز وجل استقلالا، ولا شركة، فلا يستحق العبادة فيهما غيره سبحانه وتعالى بوجه من الوجوه، وهذا إبطال لمعتقدهم من وجه آخر، لأن المملوك لا يكون شريكا لمالكه، فكيف يستحق ما هو حقه من العبادة وغيرها،
إن الله هو الغني عن كل شيء
الحميد المستحق للحمد وإن لم يحمده جل وعلا أحد، أو المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال، وكأن الجملة جواب عما يوشك أن يخطر ببعض الأذهان السقيمة من أنه، هل اختصاص ما في السماوات
[ ص: 97 ] والأرض به عز وجل لحاجته سبحانه إليه؟ وهو جواب بنفي الحاجة على أبلغ وجه، فقد كان يكفي في الجواب: إن الله غني، إلا أنه جيء بالجملة متضمنة للحصر للمبالغة، وجيء بالحميد أيضا تأكيدا لما تفيده من نفي الحاجة، بالإشارة إلى أنه تعالى منعم على من سواه سبحانه، أو متصف بسائر صفات الكمال، فتأمل جدا، وقال
الطيبي : إن قوله تعالى: ( لله ما في السماوات والأرض ) تهاون بهم، وإبداء أنه تعالى مستغن عنهم، وعن حمدهم وعبادتهم، ولذلك علل بقوله سبحانه:
إن الله هو الغني أي عن حمد الحامدين،
الحميد أي المستحق للحمد، وإن لم يحمدوه عز وجل.