يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم قيل: إن
بني أسد أسلموا وقالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا كأنهم منوا بذلك فنزلت فيهم هذه وقوله تعالى:
يمنون عليك أن أسلموا ومن هنا قيل: المعنى لا تبطلوا أعمالكم بالمن بالإسلام، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بالرياء والسمعة وعنه أيضا بالشك والنفاق، وقيل: بالعجب فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقيل: المراد بالأعمال الصدقات أي تبطلوها بالمن والأذى، وقيل: لا تبطلوا طاعاتكم بمعاصيكم، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال في الآية: من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل ولا قوة إلا بالله تعالى، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة.
nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم فخافوا أن يبطل الذنب العمل، ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالهم، وأخرج
ابن نصر nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنا معاشر أصحاب
محمد صلى الله تعالى عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم فلما نزلت هذه الآية قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات والفواحش فكنا إذا رأينا من أصاب شيئا منها قلنا: قد هلك حتى نزلت هذه الآية
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك وكنا إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه وإن لم يصب منها شيئا رجونا له، واستدل المعتزلة بالآية على أن الكبائر تحبط الطاعات، بل الكبيرة الواحدة تبطل مع الإصرار الأعمال ولو كانت بعدد نجوم السماء، وذكروا في ذلك من الأخبار ما ذكروا. وفي الكشف لا بد في هذا المقام من تحرير البحث بأن يقال: إن أراد المعتزلة أن نحو الزنا إذا عقب الصلاة يبطل ثوابها مثلا فهذا لا دليل عليه نقلا وعقلا بل هما متعادلان على ما دل عليه صحاح الأحاديث، وكفى بقوله تعالى:
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره حجة بالغة، وإن أرادوا أن عقابه قد يكبر حتى لا يعادله صغار الحسنات فهذا صحيح والكلام حينئذ في تسميته إحباطا، ولا بأس به لكن عندنا أن هذا الإحباط غير لازم وعندهم لازم، وهو مبني على جواز العفو وهي مسألة
[ ص: 80 ] أخرى، وأما الكبيرة التي تختص بذلك العمل كالعجب ونحو المن والأذى بعد التصدق فهي محبطة لا محالة اتفاقا، وعليه يحمل ما نقل من الآثار، ومن لا يسميه إحباطا لأنه يجعله شرطا للقبول والإحباط أن يصير الثواب زائلا وهذا لا يتأتى إذا لم يثبت له ثواب فله ذلك، وهو أمر يرجع إلى الاصطلاح انتهى وهو من الحسن بمكان وإعادة الفعل في (وأطيعوا الرسول) للاهتمام بشأن إطاعته عليه الصلاة والسلام