وربك الغني أي لا غنى عن كل شيء كائنا ما كان إلا هو سبحانه فلا احتياج له عز شأنه إلى العباد ولا إلى عبادتهم ولا يخفى ما في التعرض لعنوان الربوبية من الإظهار في مقام الإضمار والإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام من اللطف الجزيل والكلام مبتدأ وخبر وقولهسبحانه :
ذو الرحمة خبر آخر وجوز أن يكون هو الخبر و
الغني صفة أي الموصوف بالرحمة العامة فيترحم على العباد بالتكلف تكميلا لهم ويمهلهم على المعاصي إلى ما شاء وفي ذلك تنبيه على أن ماتقدم ذكره من الإرسال ليس لنفعه بل لترحمه على العباد وتوطئة لقوله سبحانه :
إن يشأ يذهبكم أي ما به حاجة إليكم أصلا إن يشأ يذهبكم أيها العصاة أو أيها الناس بالإهلاك وفي تلوين الخطاب من تشديد الوعيد ما لا يخفى
ويستخلف من بعدكم أي وينشئ من بعد إذهابكم
ما يشاء من الخلق وإيثار ما على من لإظهار كمال الكبرياء وإسقاطهم عن رتبة العقلاء
كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين (133) أي من نسل قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة
نوح عليه السلام لكنه سبحانه أبقاكم ترحما عليكم وما في ( كما ) مصدرية ومحل الكاف النصب على المصدرية أو الوصفية لمصدر الفعل السابق أي وينشئ إنشاء كإنشائكم أو يستخلف استخلافا كائنا كإنشائكم و ( من ) لابتداء الغاية وقيل : هي بمعنى البدل والشرطية استئناف مقرر لمضمون ما قبلها من الغنى والرحمة