[ ص: 161 ] سورة الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=17131ومقاتل nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي nindex.php?page=showalam&ids=17317ويحيى بن سلام : هي مكية ، وقال آخرون فيها مكي من قوله تعالى :
إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا إلى آخرها وما تقدم مدني . قوله تعالى :
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا في قوله (هل) وجهان :
أحدهما : أنها في هذا الموضع بمعنى قد ، وتقدير الكلام : (قد أتى على الإنسان) الآية ، على معنى الخبر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة .
الثاني : أنه بمعنى
أتى على الإنسان الآية ، على وجه الاستفهام ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابن عيسى . وفي هذا (الإنسان) قولان :
أحدهما : أنه
آدم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، وقيل إنه خلقه بعد خلق السماوات والأرض ، وما بينهما في آخر اليوم السادس وهو آخر يوم الجمعة .
[ ص: 162 ]
الثاني : أنه كل إنسان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . وفي قوله تعالى :
حين من الدهر ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه أربعون سنة مرت قبل أن ينفخ فيه الروح ، وهو ملقى بين
مكة والطائف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح عنه .
الثاني : أنه
خلق من طين فأقام أربعين سنة ، ثم من حمأ مسنون أربعين سنة ، ثم من صلصال أربعين سنة ، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة ، ثم نفخ فيه الروح ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
الضحاك .
الثالث : أن الحين المذكور ها هنا وقت غير مقدر وزمان غير محدود ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا . وفي قوله
لم يكن شيئا مذكورا وجهان :
أحدهما : لم يكن شيئا مذكورا في الخلق ، وإن كان عند الله شيئا مذكورا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
الثاني : أي كان جسدا مصورا ترابا وطينا ، لا يذكر ولا يعرف ، ولا يدري ما اسمه ، ولا ما يراد به ، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ،
وقطرب nindex.php?page=showalam&ids=15611وثعلب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : هل أتى حين من الدهر لم يكن الإنسان شيئا مذكورا ، لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله ولم يخلق بعده حيوانا .
إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج يعني بالإنسان في هذا الموضع كل إنسان من بني
آدم في قول جميع المفسرين . وفي النطفة قولان :
أحدهما : ماء الرجل وماء المرأة إذا اختلطا فهما نطفة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
الثاني : أن النطفة ماء الرجل ، فإذا اختلط في الرحم وماء المرأة صارا أمشاجا . وفي الأمشاج أربعة أقاويل : أحدها : أنه الأخلاط ، وهو أن يختلط ماء الرجل بماء المرأة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج :
[ ص: 163 ] يطرحن كل معجل نشاج لم يكس جلدا في دم أمشاج .
الثاني : أن الأمشاج الألوان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة خضراء وصفراء . روى
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503069 (ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق أو علا فمنه يكون الشبه) .
الثالث : أن الأمشاج :
الأطوار ، وهو أن الخلق يكون طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا مضغة ، ثم طورا عظما ، ثم يكسى العظم لحما ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الرابع : أن الأمشاج العروق التي تكون في النطفة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . وفي قوله
نبتليه وجهان :
أحدهما : نختبره .
الثاني : نكلفه بالعمل . فإن كان معناه الاختبار ففيما يختبر به وجهان :
أحدهما : نختبره بالخير والشر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي .
الثاني : نختبر شكره في السراء ، وصبره في الضراء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . ومن جعل معناه التكليف ففيما كلفه وجهان :
أحدهما : العمل بعد الخلق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل .
الثاني : الدين ، ليكون مأمورا بالطاعة ، ومنهيا عن المعاصي .
فجعلناه سميعا بصيرا ويحتمل وجهين :
أحدهما : أي يسمع بالأذنين ويبصر بالعينين امتنانا بالنعمة عليه .
الثاني : ذا عقل وتمييز ليكون أعظم في الامتنان حيث يميزه من جميع الحيوان . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=17131ومقاتل : في الآية تقديم وتأخير أي فجعلناه سميعا بصيرا أن نبتليه ، فعلى هذا التقديم في الكلام اختلفوا في ابتلائه على قولين :
أحدهما : ما قدمناه من جعله اختبارا أو تكليفا .
[ ص: 164 ]
الثاني : لنبتليه بالسمع والبصر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة .
إنا هديناه السبيل فيه أربعة تأويلات : أحدها : سبيل الخير والشر ، قاله
عطية .
الثاني : الهدى من الضلالة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثالث : سبيل الشقاء والسعادة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الرابع : خروجه من الرحم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12045أبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . ويحتمل خامسا : سبيل منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه ، وقيل : كمال عقله .
إما شاكرا وإما كفورا فيه وجهان :
أحدهما : إما مؤمنا وإما كافرا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام .
الثاني : إما شكورا للنعمة وإما كفورا بها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . وجمع بين الشاكر والكفور ولم يجمع بين الشكور والكفور - مع اجتماعهما في معنى المبالغة - نفيا للمبالغة في الشكر وإثباتا لها في الكفر ، لأن
شكر الله تعالى لا يؤدى فانتفت عنه المبالغة ، ولم تنتف عن الكفر المبالغة ، فقل شكره لكثرة النعم عليه ، وكثر كفره وإن قل مع الإحسان إليه .