تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون
قوله عز وجل:
وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه أي نبيح لكم شرب ما في بطونه ، فعبر عن الإباحة بالسقي.
من بين فرث ودم لبنا خالصا فيه وجهان: أحدهما: خالصا من الفرث والدم.
الثاني: أن المراد من الخالص هنا الأبيض ، قاله
ابن بحر ومنه قول
النابغة :
يصونون أجسادا قديمها نعيمها بخالصة الأردان خضر المناكب
فخالصة الأردان أي بيض الأكمام ، وخضر المناكب يعني من حمائل السيوف.
سائغا للشاربين فيه وجهان: أحدهما: حلال للشاربين.
الثاني: معناه لا تعافه النفس. وقيل: إنه لا يغص أحد باللبن.
[ ص: 198 ] قوله عز وجل:
ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا فيها أربعة تأويلات: أحدها: أن السكر الخمر ، والرزق الحسن التمر والرطب والزبيب. وأنزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ثم حرمت من بعد. قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: السكر ما حرم من شرابه ، والرزق الحسن ما حل من ثمرته ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ومن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل :
بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم إذا جرى فيهم المزاء والسكر
والسكر: الخمر ، والمزاء: نوع من النبيذ المسكر. واختلف من قال بهذا ؛ هل خرج مخرج الإباحة أو مخرج الخبر ؟ على وجهين: أحدهما: أنه خرج مخرج الإباحة ثم نسخ. قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
الثاني: أنه خرج مخرج الخبر أنهم يتخذون ذلك وإن لم يحل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني: أن السكر: النبيذ المسكر ، والرزق الحسن التمر والزبيب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي. وجعلها أهل
العراق دليلا على إباحة النبيذ.
الثالث: أن السكر الخل بلغة
الحبشة ، والرزق الحسن الطعام.
الرابع: أن السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر الطبري وأنشد قول الشاعر :
وجعلت عيب الأكرمين سكرا