الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي [ ص: 199 ] من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وأوحى ربك إلى النحل فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الوحي إليها هو إلهاما ، قاله ابن عباس ومجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يعني أنه سخرها ، حكاه ابن قتيبة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه جعل ذلك في غرائزها بما يخفى مثله على غيرها ، قاله الحسن. أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون فذكر بيوتها لما ألهمها وأودعه في غرائزها من صحة القسمة وحسن المنعة. ومما يعرشون فيه تأويلان: أحدهما: أنه الكرم ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما يبنون ، قاله أبو جعفر الطبري. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك أي طرق ربك. ذللا فيه أربعة أوجه: أحدها: مذللة ، قاله أبو جعفر الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: مطيعة ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أي لا يتوعر عليها مكان تسلكه ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أن الذلل من صفات النحل وأنها تنقاد وتذهب حيث شاء صاحبها لأنها تتبع أصحابها حيث ذهبوا ، قاله ابن زيد. يخرج من بطونها شراب يعني العسل. مختلف ألوانه لاختلاف أغذيتها. فيه شفاء للناس فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن ذلك عائد إلى القرآن، وأن في القرآن شفاء للناس أي بيانا للناس، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 200 ] الثاني: أن ذلك عائد إلى الاعتبار بها أن فيه هدى للناس ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن ذلك عائد إلى العسل ، وأن في العسل شفاء للناس ، قاله ابن مسعود وقتادة. روى قتادة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر أن أخاه اشتكى بطنه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا) ثم جاء فقال: ما زاده إلا شدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا) . ثم جاء فقال له: ما زاده إلا شدة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاسق أخاك عسلا ، صدق الله وكذب بطن أخيك) ، فسقاه فكأنه نشط من عقال.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية