فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى بحمد ربك : في موضع الحال ، أي : وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه ، والمراد بالتسبيح : الصلاة ، أو على ظاهر قدم الفعل على الأوقات أولا ، والأوقات على الفعل آخرا ، فكأنه قال : صل لله قبل طلوع الشمس ، يعني : الفجر ، وقبل غروبها ، يعني : الظهر والعصر ؛ لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها ، وتعمد آناء الليل وأطراف النهار مختصا لهما بصلاتك ؛ وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل ، لاجتماع القلب وهدو الرجل والخلو بالرب ، وقال الله -عز وجل - :
إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا [المزمل : 6 ] ، وقال :
أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما [الزمر : 9 ] ولأن الليل وقت السكوت والراحة ، فإذا صرف إلى العبادة ، كانت على النفس أشد وأشق ، وللبدن أتعب وأنصب ، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله ، وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العتمة ، وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار ؛ إرادة الاختصاص ، كما اختصت في قوله :
"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" عند بعض المفسرين .
فإن قلت : ما وجه قوله :
وأطراف النهار على الجمع ؛ وإنما هما طرفان كما قال :
وأقم الصلاة طرفي النهار ؟
قلت : الوجه أمن الإلباس ، وفي التثنية : زيادة بيان ، ونظير مجيء الأمرين في الآيتين : مجيئهما في قوله [من السريع أو الرجز ]
ظهراهما مثل ظهور الترسين
وقرئ : "وأطراف النهار" عطفا على آناء الليل ، ولعل للمخاطب ، أي : اذكر الله في هذه الأوقات ؛ طمعا ورجاء أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك ويسر قلبك ، وقرئ : "ترضى " ، أي : يرضيك ربك .