فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين فلما أحس : فلما علم منهم "الكفر": علما لا شبهة فيه كعلم ما يدرك بالحواس، و
إلى الله : من صلة "أنصاري" مضمنا معنى الإضافة، كأنه قيل: من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله، ينصرونني كما ينصرني، أو يتعلق بمحذوف حالا من الياء، أي: من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه،
نحن أنصار الله أي: أنصار دينه ورسوله، وحواري الرجل: صفوته وخالصته، ومنه قيل للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن قال [من الطويل]:
فقل للحواريات يبكين غيرنا ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
وفي وزنه الحوالي، وهو الكثير الحيلة، وإنما طلبوا شهادته بإسلامهم تأكيدا
[ ص: 562 ] لإيمانهم; لأن الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم،
مع الشاهدين : مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم، أو مع الذين يشهدون بالوحدانية، وقيل: مع أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنهم شهداء على الناس، "ومكروا": الواو لكفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر، ومكرهم أنهم وكلوا به من يقتله غيلة
ومكر الله : أن رفع
عيسى إلى السماء وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل،
والله خير الماكرين : أقواهم مكرا وأنفذهم كيدا وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب.