ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ
قرئ : (صدق ) بالتشديد والتخفيف ، ورفع إبليس ونصب الظن ، فمن شدد فعلى : حقق عليهم ظنه ، أو وجده صادقا ، ومن خفف فعلى : صدق في ظنه أو صدق يظن ظنا ، نحو فعلته جهدك ، وبنصب إبليس ورفع الظن ، فمن شدد فعلى : وجده ظنه صادقا ; ومن حفف فعلى : قال له ظنه الصدق حين خيله إغواءهم ، يقولون : صدقك ظنك ، وبالتخفيف ورفعهما على : صدق عليهم ظن إبليس ، ولو قرئ بالتشديد مع رفعهما لكان على المبالغة في صدق ، كقوله : صدقت فيهم ظنوني ، ومعناه : أنه حين وجد
آدم ضعيف العزم قد أصغى إلى وسوسته قال : إن ذريته أضعف عزما منه ، فظن بهم اتباعه وقال : لأضلنهم ، لأغوينهم . وقيل : ظن ذلك عند إخبار الله تعالى الملائكة أنه يجعل فيها من يفسد فيها ، والضمير في "عليهم " و "اتبعوه " إما لأهل
سبأ ، أو لبني
آدم . وقلل المؤمنين بقوله :
إلا فريقا ; لأنهم قليل بالإضافة إلى الكفار ، كما قال :
لأحتنكن ذريته إلا قليلا [الإسراء : 62 ] ،
ولا تجد أكثرهم شاكرين [الأعراف : 17 ] .
وما كان له عليهم من تسليط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء إلا لغرض صحيح وحكمة بينة ، وذلك أن يتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها ، وعلل التسليط بالعلم والمراد ما تعلق به العلم . وقرئ : (ليعلم ) على البناء للمفعول "حفيظ " محافظ عليه ، وفعيل ومفاعل : متآخيان .